الاستشهاد بالقرآن الكريم مضحك في برنامج «ضيف الأولى«!! ذ. إدريس كرم

في سابقة إعلامية غير مفهومة قدم “الفرحان بعجره وبجره” في برنامجه (ضيف الأولى)، وهو يتفجر ضحكا (خبر استقبال رئيس الحكومة في بيته بعض الزملاء الصحفيين، وناقش معهم مسألة العمل مقابل الأجر، حيث صرح لهم بأنه وجد تأصيل الاقتطاعات من الأجور في نص قرآني، مرة أخرى (ضحك الجمهور وهو معهم)، قال بالحرف عندما قرأ الآية الكريمة {والسماء رفعها ووضع الميزان}، بأنه يجب وضع العمل في كفة والأجر في كفة: “مرة أخرى كنشوفوا السياسات العمومية ديال هاد الحكومة كتوجد تأصيلها في نصوص قرآنية وبالواضح، الناس اللي قاموا بالإضراب واحتجوا على الاقتطاع من الأجور ليس من صالحهم لأنهم يخالفون نصا قرآنيا)” وتوالى الضحك.
وقبل ذلك انتقد الوزيرة الحقاوي في تعليقها على المطالبة بالمساواة في الإرث بأن حكم القرآن قاطع في المسألة، متسائلا أي “الفرحان ببرنامجه”، “عن مشروعية حديث الوزيرة عن القرآن وتفسيرها له، مع العلم أن رجل الدين الوحيد في المغرب، هو الملك وغيره يبقون مجرد علماء”!!
من حق “الفرحان ببرنامجه” مناصبة رئيس الحكومة العداء والسخرية منه، لأنه لا يسبح بحمد (ماما فرنسا)، ولا يرى أن المغاربة عبيدا لها، ولا يرى التدين بالدين الإسلامي مثلبة ومنقصة يجب التوبة منها.
ولكن ليس من حقه الاستخفاف بالمكون الأساسي للهوية المغربية، وركنها الركين الذي هو القرآن الكريم، موحد الأمة الذي عمل المستعمر طيلة مائة عام على انتزاعه من صدور المغاربة وأذهانهم وتصرفاتهم، فلم يفلح، وكلف بمواصلة ذلك المجهود برادينه وأزلامه فكانوا كناطح الصخور وغازل الماء.
كما أنه من حق جمهوره المنتقى على المقاس المناهض للهوية المغربية، المتطلع للفصل بين المغاربة ودينهم المبيَّن في القرآن الكريم والسنة المطهرة وما جرى به العمل من أحكام وتمثلات تضمن لهم الكرامة والعزة والحرية بشهادة منظري الاستعمار وغلاتهم طيلة مائة عام وأكثر، الضحك ولكن من جهلهم أو تجاهلهم لما سلف، وللصفعة المدوية التي وجهتها الأصيلة بنت الأصيل الضيفة المحترمة لـ”الفرحان برنامجه” المعادي لكل ما هو هوياتي مؤمن، عندما ردت عليه في المنطلق بالابتعاد عليه في كيفية تأبين الصحفية الراحلة وذلك بالدعاء لها وفق السنة النبوية وعدم تشبيه تأبينها بما هو معروف كنسيا، ناهيك عن عدم انجرارها للمشي فوق قشور التلفيقات التي كان يريد جرها إليها، مما يدل أن التبهرج لا يغني عن الحق ولا ينطلي على العاقلات والعقلاء من هذه الأمة، وهو ما حير الأوائل فأحرى من دونهم.
لتبيان ما أشرنا له نسمح لأنفسنا بتذكير “الفرحان ببرنامجه” بما يلي:
قال أحد النواب الفرنسيين بالجمعية العامة الفرنسية سنة 1907:
“مصيرنا بالمغرب ليس مرتبطا بهذا الشريف أو ذاك بل بفائدتنا وحقوقنا ووضعيتنا العامة واتفاقياتنا ومعاهداتنا وتاريخنا، فالسلاطين يأتون ويختفون، وفرنسا لن تكون أقل من أكبر قوة مسلمة لها نفس الحقوق والامتيازات في البلاد التي يرتبط بها مصير إفريقيا”.
أما القبطان “أدينو” فيقول: “إن إفريقيا الشمالية أي إفريقيا الفرنسية، إما أن تكون فرنسية وإما أن تكون معادية، لذلك يجب أن يصبح المغرب أرضا فرنسية، ويصير مقاطعة فرنسية، تساهم في رفاهية بلادنا وغنى مواطنينا”.
أما الأب “شارل دوفوكو” فقال: “إذا لم نعرف كيف نجعل شعوب مملكة فرنسا في غرب شمال إفريقيا فرنسيين فسيخرجوننا من أرضهم، والوسيلة الوحيدة لذلك هو تحويلهم لمسيحيين. إن المغرب بلاد كبيرة ستدخل في حياة جديدة بعد ليل الإسلام الطويل وذلك بفضل جيشنا الإفريقي”.
وقال الاشتراكي الشهير “جان جوريس” في الجمعية العامة الفرنسية سنة 1907: “كل الحكومات الفرنسية سواء ملكية كانت أو جمهورية لم تنقطع عن التفكير في غزو المغرب واحتلاله”.
وقال أحد الساسة الفرنسيين في سنة 1889: “إن هناك شعورا راسخا في فرنسا عامة بأن الغرب الإسلامي طال الزمن أم قصر مباشرة أو غير مباشرة لا بد أن يصير تحت سلطة فرنسا لأنه مفتاح الطريق لتامبوكتو، ومن أجل إقامة سلطة فرنسية به يجب إقامة مدارس فرنسية للجنسين تروج لحضارتنا بين الشباب ليكون ذلك بابا لتصريف صناعتنا”.
كما جاء في تقرير بعنوان: “لماذا نحن بالمغرب؟”، نشرته مجلة فرنسا المغرب 1917: “نحن هنا لنتمكن من جعل البحر المتوسط بحرنا، بحر العنصر اللاتيني، حكرا عليه كما كان في العصر الروماني، وبذلك سيصبح كل ما هو موجود بالمغرب لصالح الأوربيين، إنه لأمر ضروري بالنسبة للشعب الفرنسي بأجمعه الذي سيجد في مؤسساته بإفريقيا الشمالية أكبر عامل لقوته وازدهاره”.
وقال أحد الباحثين من البعثة العلمية الفرنسية سنة 1929: “إسلام المغاربة عصي عن الفهم يتعذر تبسيطه، لذلك فهم لن يتمدنوا طواعية، وعليه فالحضارة تقتضي غزوهم من طرف الأوربيين، فالمغرب الأقصى يظهر كأنه حصن وفيّ للحضارة الإسلامية بشكل لا متناهي الحدود عكس ما يعتقد، وفرنسا من واجبها فك عزلته وإلحاقه بها وفتح موانئه لتصدير ما به نحو موانئها من أجل رفاهية وغنى الشعب الفرنسي”.
سأكتفي بهذه النقول التي أجزم بأن الضاحكين من ذكر الاستشهاد بالقرآن من قبل رئيس الحكومة لا يعرفونها، وإلا لحذو حذو الضيفة التي تركت الفرحان شاردا كعادته يتوهم أنه ممثل لكمونة باريس أو الإقامة العامة في الثلاثينيات؛ يناضل من بؤرة ثورية في الحكومة المغربية الحريصة على هوية المغاربة، آثرنا أن نتحفه بتنظيرات أسياده البغاة، علّه يعود إليها من أجل الملاءمة، والله يتولى الصالحين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *