تقرير الكولونيل “مانجان” عن العمليات التي دارت بين 15 و26 غشت 1912، حول سوق أربعاء صخور الرحامنة.
التعليمات المستلمة رقم:733 في غشت 1912، من الجنرال قائد الشاوية والرحامنة للكولونيل “مانجان”:
توضع القوات التالية رهن إشارة الضابط السالف الذكر.
القوات المتحركة المتمركزة والتي ستتمركز في مشرع بن عبو.
القوات المتحركة المتمركزة حول مزكان وأزمور.
المهمة العامة هي:
إبقاء وتثبيت وإعادة دكالة والرحامنة للنظام والتهدئة، وكذلك السكان الذين هم على الضفة اليمنى لنهر أم الربيع حتى يشعروا بقوتنا ويصبحوا على علاقة مع الوحدات التي تمكنها من مساعدتنا للضغط على نواحي مراكش وتجعلها تثق في قدرتنا وتطمئن لها، وترفض الانخراط في عمليات لا نريد رؤيتهم فيها.
التعليمات رقم:3323 للجنرال قائد القوات النازلة بالغرب، يحد نقطة تمركز القوات على الضفة اليسرى لأم الربيع هي سوق أربعاء على بعد 25 كلم من مشرع بن عبو على طريق مراكش.
الكولونيل “مانجان” الموجود بناحية دكالة عليه الالتحاق بمشرع بن عبو في أقرب وقت ممكن مارا بالدار البيضاء تاركا لليوطنا كولونيل “جوزيف” التعليمات اللازمة للسير بكل القوات المكونة من ثلاث فرق ونصف مدفعية جزائرية وفرقتين كوم وفصيلة مدفعية وفصيلة مدفعية 75 ومفرزتين اصبايحية نحو مزكان وسيدي بنور على حدود دكالة للمساعدة بحضورها على عدم تفكك الضغط المختبر على الرحامنة من طرف القوات المتحركة بمشرع بن عبو.
الكولونيل “منجان” قدم الكثير بحضوره الشخصي بهذا المركز يوم 14 غشت على الساعة الثانية عشر ظهرا، وفي نفس اليوم على الساعة 22 و30 تلقى بالتلفون أمرا من الجنرال قائد قوات الاحتلال بالمغرب على عجل تنفيد حركته في أقرب وقت ممكن للبرهنة على المتوقع في سوق الأربعاء، وكان القرار معللا بالمستجدات الواصلة من الحوز والتي تشير لتقدم الهبة على طريق سوس مراكش مما اضطرنا أمام ضرورة إظهار قواتنا بسرعة في هذا الاتجاه على الضفة اليسرى لأم الربيع لنطمئن أنصارنا بمدينة مراكش ونمنع تخليهم عنا لحماية القنصل والكومندار فيرلي هانيس وبعض الفرنسيين الذين بقوا هناك بعد مغادرة كلون الأربين لها.
عرض العمليات
نتيجة للأمر الوارد على الكولونيل “منجان” غادر هذا الأخير مشرع بن عبو يوم 15 غشت على الساعة الخامسة مساء متوجها نحو سوق الأربعاء مع القوات التالية:
نصف سرية اصبايحي ونصف سرية مطاردة أفارقة، كوم فرسانا ومشاة، كتيبة ونصف سنغالية، نصف كتيبة استعمار، نصف كتيبة قناصة جزائرية، فصيلة جبال، فصيلة 75 المحمولة.
وصلت كل القوات المذكورة لسوق الأربعاء على الساعة العاشرة والنصف ليلا دون تعرضها لمشاكل من طرف الأهالي على طول الطريق التي مرت منها.
سكان الرحامنة تجمعوا في المرتفعات ينظرون للكولون يمر دون أن يبدوا أية مقاومة، بل كثير من ممثليهم تقدموا للسلام على الكولونيل ليؤكدوا له تفاعلهم السلمي.
وبعد استقرار الكولون بمعسكر سوق الأربعاء بثلاثة أيام خرجت قافلة تموين ولإدارة من مشرع بن عبو على الساعة الثانية عشر زوالا مخفورة من قبل السرية الأولى من الفوج السابع السنغالية وسبعة اصبايحية، غير أنها هوجمت حوالي الساعة 17 على بعد بضع كلومترات شمال سوق الأربعاء، فقدت على إثرها قناصة قتلى وجرحى في حين ترك المغاربة المهاجمون من أولاد تيمين وأولاد بيادنا قتيلين وحصانا جريحا وبندقية على الأرض.
العملية دامت بعض الوقت، ونتيجة للوضعية الجيدة التي اتخذها القبطان ومستوى قواته واصلت القافلة طريقها من دون مشاكل حيث وصلت هدفها في آخر الليل.
الوضعية الجديدة للقوات أوجدت تنظيما معاديا من نواحي اولاد اسلامة بين سوق الأربعاء ووادي أم الربيع، الكولونيل “منجان” قرر أن يبعث لمشرع بن عبو سرية لتقوية خفر القوافل المتنقلة حتى تتمكن من العمل بفعالية أكبر ضد الفخذات المعادية في الخلف لضمان المواصلات وتأمين الطرق وذلك يوم 16 غشت.
نتيجة لهذا المخطط غادرت السرية الثالثة من الفوج السنغالي سوق الأربعاء يومه على الساعة الخامسة والنصف متوجهة لمشرع بن عبو لتقوية الحامية هناك مكونة من قافلة صغيرة للإخلاء وعربة لحمل جريحي الحراسة، في الساعة السابعة وأربعين دقيقة هاجمت جماعة من المغاربة شركة أكيون من على ربوة من جهتي الشرق والغرب فأبعدوا بعد استعمال الحراب من على المرتفع الذي استولوا عليه بعدما تم التحام معهم وجها لوجه في عدد من المرات، وقد اقتضى الوضع الميداني انتظار التعزيزات للتحرك نحو الهدف.
وقد خرجت التعزيزات من سوق الأربعاء في الغد على الساعة السابعة و45 دقيقة لغاية السلعة التاسعة والنصف وتكونت من السرية الثانية السنغالية والسرية الثانية من القناصة الجزائريين والفصيلة الخامسة من البطارية الجبلية ونصف سرية اصبايحية.
وفي الساعة العاشرة تم مغادرة السرية الثالثة السنيغالية معززة بالسرية الثانية السنغالية مواصلة طريقها نحو مشرع بن عبو مع القافلة التي تحمل كل جرحى العملية، وبقيت القوات توجهت نحو سوق الأربعاء في أمان.
خسائر هذه العملية ارتفعت لتسعة عشر جريحا ضمنهم أوربيان ليطنا وأدجدان من السرية الثانية السنغالية ثمانية جرحى فيهم ثلاثة جنود أوربيون من فصيلة المدفعية التابعة لمفرزة الاحتياط.
المقتحمون المنتمون لقبيلة الرحامنة الشنالية تكبدوا خسائر فادحة في نفس اليوم 16 غشت، تم اقتحام معسكر سوق الأربعاء على الساعة التاسعة صباحا من الجهة الجنوبية بواسطة فرسان مغاربة من ناحية اولاد اسلامة واولاد امطاع واولاد عيطا واولاد بوبكر ولبرابش.
الكتيبة السنغالية التي تؤمن حراسة هذه الواجهة معززة المراكز المتقدمة الثابتة وتأمين وجود مسافة بينها وبين الأعداء تدخلت لرد المهاجمين في الساعة 14 وجعلتهم يختفون بصفة تامة بعد تدخل ناجح للفصيلة 75 مكبدة إياهم خسائر فادحة.
أما نحن فقد جرح لنا أهلي في خندق المعسكر ومر الليل دون حدوث ما يعكره.
يوم 17 غشت ومن أجل الاقتصاص من الجماعات المعادية ومعاقبتها على تصرفاتها ضد قواتنا وقوافلنا المتكرر غادرت قافلة الإخلاء سوق الأربعاء على الساعة الخامسة تحت حماية مفرزة استعمار من الفوج الثالث والسرية الثانية السنغالية من الفوج السادس، والسرية الثانية الجزائرية، ونصف كوكبة من القناصة الأفارقة، وفرقة الكوم الثالثة، والفصيلة 75 المحمولة.
تم التجمع دون حوادث تذكر، وعلى الساعة الثامنة والربع تم تبديل فوج حراسة القوافل فرجع لرارسلا للمركز ودخل الكولونيل صفي سوق الأربعاء مع قافلة تمكوين، وأثناء عودته هاجمته قوة هامة من مغاربة الرحامنة، فخذات الجعافرة، ولبرابش، واولاد عطيا، واولاد لحسن، ويكوت، وسلام العربي.
تم تغطية القافلة من طرف مفرزة قدمت من المعسكر على الساعة الحادية عشر وأثناء الهجوم تمركزت قوات ليوطنا صافي في واجهة الشمال وأمامهم ربوة علتها جماعات الفرسان والمشاة الأعداء الذين أبعدتهم المدفعية.
على الساعة الثالثة عشر أمر الكولونيل “منجان” قائد الحشد في الصباح من دوار اولاد بياضنا على بعد ستة كلم جنوب غرب المعسكر بأن يأخذ الجنود مواقعهم للدفاع عن المعسكر وحمايته، من الواجهة الشمالية، وأمر ليطنا كولونيل صافي بالهجوم على التجمعات المعادية لتشتيتها.
تحرك ليطنا كولونيل صافي بسرعة وبفضل سرية فرقة الكوم الثالثة التي جاءت لتعزيز المفرزة وتكوين قوة متقدمة مع القناصة الأفارقة، تفاجأت الجماعات المعادية تماما على الساعة 15 في مضيق بياضنا، وقد كانوا بأعداد كبيرة تعد بالمئات إلا أنهم طردوا من أماكن تواجدهم بعد مقاومة قصيرة.
وفي الساعة 16 والنصف تم إحراق الدواوير التي ضبط سكانها سابقا يهاجموننا ودخل الكولون معسكره على الساعة 17 والنصف، وقد ارتفعت خسائرنا في العمليتين ليوم 17 غشت لخمسة جرحى فيهم أوربي.
يوم 18 غشت تواصلت عملية إخلاء خط التموين من الساكنة وهذا اليوم على الساعة الرابعة مفرزة مكونة من سرية من الفوج الثالث استعمار، والسرية الثانية من الفوج السابع السنغالية، وسرية بواز، وسرية لاندرو المحمولة، والفرقة الثالثة للكوم، وفصيلة مدفعية، ونصف كوكبة اصبايحي، غادرت سوق الأربعاء تحت إمرة قائد الفوج الثالث استعمار مع بعثة لمعاقبة دواوير اولاد لحسن واولاد زدنين وجبارة الذين ضبطوا في معركة 15 و16 غشت و17.
الدواوير المذكورة فوجئت بالهجوم فلم تقم بأية مقاومة جدية وعاد الكولون من مهمته العقابية في منتصف النهار دون خسائر.
يوم 19 غشت أدت العمليات العقابية السابقة للخضوع القبائل الخلفية المعادية وبقي إعطاء انطباع للمعسكر من جهة الجنوب بأن القبائل المعادية قد أصبحت بعيدة عنه ولا تقدر على الوصول لسوق الأربعاء حيث تجمع القوات من ذلك الاتجاه، حيث يوجد اولاد بوبكر واولاد بجيرة الموجودة دواويرهم على بعد 19 كلم جنوب المعسكر المذكور، وقد قام هؤلاء بجلد وجرح رقاص كان يحمل رسائل موجهة لنا من مراكش، فصدر أمر للكومندار ريف بمغادرة سوق الأربعاء يوم 19 غشت على الساعة الثالثة من أجل معاقبة الدوار وكنت المفرزة تتكون من: السرية الثانية السنغالية، والسرية الثانية الجزائرية، وفصيلة سنغالية محمولة، وفرقة الكوم الثالثة، وفصيلة 75 المحمولة، والفصيلة الثانية للقناصة الأفارقة، من أجل فتح الطريق للتواصل مع مراكش.
الكومندار ريف أمر بالزحف عتى قصبة محمد بن الطاهر مركز تجمع المعادين بالجنوب لتدميرهم، وقد أحرق دوار اولاد بجيرة بعد معركة حيث تم تدمير القصبة المذكورة آنفا من قبل المدفعية المحمولة دون خسائر تذكر لحقتنا.
وفي الساعة السابعة قامت المفرزة بنصف دورة بعدما تبين لها أن الأعداء ما يزالون يزعجونها بهجومهم، وفي الساعة التاسعة والنصف تم القضاء على المغاربة المزعجين بصفة نهائية، وعاد الكولون للمعسكر على الساعة 11 دون مخاطر.
الكولون التقى في الطريق رقاصا يحمل أخبارا من مراكش مرسلة من مولاي رشيد ابن أخ السلطان مولاي حفيظ.