المد الشيعي الكهنوتي وسياسة المنطقة طارق فكري (من مصر العربية)

المد الشيعي يعلمه القاصي، والداني نشأ بعد الخميني لتصدير فكرة الثورة الإيرانية؛ ولذلك فهو مصطلح سياسي بجدارة له هدف توسعي في مناطق، وهيمنة وسيادة في مناطق أخرى؛ توسعي في العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وهيمنة وسيادة في البحرين، والكويت، والسعودية، ومصر،…وغيرها.
– فالعمل على نشر المذهب الشيعي في بلاد أهل السنة لا يعني صناعة متعبدين ناسكين، بل يعني منهجية سياسية تعمل على السيادة والهيمنة السياسية، حيث أنه لا فصل بين السياسة والدين في المنهج الشيعي، يقول السيد البروجردي: (لا يبقى شك لمن تتبع قوانين الإسلام وضوابطه، في أنه دين سياسي اجتماعي، وليست أحكامه مقصورة على العبادات المحضة المشروعة لتكميل الأفراد، وتأمين السعادة في الآخرة، بل يكون أكثر أحكامه مربوطة بسياسة المدن، وتنظيم المجتمعات).
– كما أن هناك حديث بين وزير الخارجية العراقي، وبين مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، ينفي فيه الوزير المصري –للأسف- تدخل الدين في السياسة، ويرد عليه الوزير الشيعي بأنه لا فصل بينهما مدللاً بآيات من القرآن، والسيرة النبوية في تأسيس الدولة.
ولكن انتبه: فنظام الدولة عند الشيعة ليس مدنياً، بل دينياً كهنوتياً يتبع المراجع الدينية، ويَنقَاد لها انقياداً أعمى، وها هو أحد من تقلد منهم السياسة، والدعوة معاً، وهو إياد جمال الدين يقول: لولاية الفقيه رؤيتان، التصور الأول الذي يسير عليه السيد السيستاني وفحواه أنّ للفقيه ولاية على المجتمع، وعلى الدولة، فيما يرى الخميني أنّ للفقيه ولاية على الفرد، وعلى المجتمع، وعلى الدولة، وبذلك فإن المفهوم عند الخميني أوسع، وعمليا لا يوجد فرق سياسي بين الرؤيتين. انتهى
وعليه: يكون الفقيه هو المتحكم في السياسة وإدارة الدولة، حيث أن لكل زعيم سياسي مرجع شيعي، فموسى الصدر كان تابعاً لمرجعية الخميني، ومقتدى الصدر تابعاً لمرجعية كاظم الحائري، وحسن نصر الله يعلن أنه يتبع خامنئي، فلكل منهم مرجعيته في إدارة الملفات السياسية يُوجَه إليها وينقاد لها.
ويقول المرجع الشيعي السيد علي الأمين لـ “الأهرام العربي” ولاية الفقيه ليست معتقداً دينياً أو مذهبياً للشيعة ولكنها نظرية سياسية في السلطة والحكم.
– وبهذا المنهج الكهنوتي الثيوقراطي أصبحت الدولة عند الشيعة مثل، دولة البابوات تتحكم فيها مرجعيات مختلفة في الدولة الواحدة؛ فلربما يكون هناك سياسيٌّ وصل لرئاسة الدولة في العراق مثلا، ولكنه تابع لمرجعيته ينقاد لأمرها ويستأنس بها، وقد تضع له سياسة التعامل مع السنة بما يخدم مذهبه، أو دعم أقليات شيعية في دولة أخرى ولو على حساب المعطيات السياسية الخارجية، أو الداخلية لدولته.
وبناءً عليه نقول: إيران دولة دينية كهنوتية تمثل القوة، والنفوذ الدولي للشيعة، ومصدر التمويل المالي للعتبات في العراق، ونشر التشيع في العالم؛ وبذلك تصبح ذات نفوذ، وسلطة روحية على الشيعة في أماكن تواجدهم فارضة عليهم، طوعاً أو كرهاً، أجندات سياسية تدعم نفوذها الإقليمي والدولي.
– كما أن من خصائص الدولة الدينية الكهنوتية المنهج التوسعي، والمغالبة السياسية، وما لا يُقدَر عليه بالنشر الدعوي يُنفذ بالفتن، وإحداث معارك طائفية بالسلاح، وما يحدث في اليمن من الحوثيين، وحزب الله بلبنان، والتدخل الكامل في العراق، وسوريا ليس منا ببعيد.
– إيران ماضية في تغيير الخريطة السياسية للمنطقة عن طريق المد الشيعي، فمصر التي تشيعت كلها يوماً ما، ثم قام صلاح الدين بمحو التشيع منها، لَهِي حُلمٌ يراود مرجعيات الشيعة، ولأول مرة مع تنامي المد الشيعي بمصر يؤسس لحزب شيعي بمصر “حزب التحرير” مدعوماً من بعض الصوفية، ولوحظ انتشار الشيعة في محافظات مصر بشكل ينذر بخطر عظيم، ومن المتعارف عليه تواجد أقليات شيعية في كل دول الخليج العربي جُلهم من أُصول عربية ما عدا شيعة الإمارات فجُلهم من شيعة إيران نزحوا عند الثورة الإيرانية؛ وبالتالي أصبح لهذه الأقليات تأثير سياسي على صانع القرار مثل البحرين الذي بلغ تعداد الشيعة فيها النصف مع الهيمنة السياسية من خلال حركة الوفاق فلها رصيد سياسي في الشارع لا يقل عن 70%، وغيرها من الدول كل على قدره.
أما شيعة المملكة السعودية فتواجدهم في المنطقة الشرقية حيث المخزون النفطي الأكثر على مستوى المملكة وشركة أرامكو للنفط الأمريكية والعدد الأعلى للعمال الشيعة بها ليكون ولاء الشيعة لأرامكو الأمريكية أشد من ولائهم لإيران الكهنوتية؛ وبذلك مع التقارب الأمريكي الإيراني تكمن الخطورة وتنقلب المعادلة.
– وتكتمل الهيمنة السياسية لإيران ببداية صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية الإيرانية؛ فُتحت لتعطي دعماً سياسياً للشيعة للتمدد في المنطقة؛ كما أنه إدان لتبادل المصالح مع العدو الصهيوني الحليف الأكبر لأمريكا بالمنطقة، ولعل من أحدث هذه الدلائل ما تناقلته المواقع الإلكترونية عن توجيه الرئيس الإيراني حسن روحاني تهنئة إيرانية ليهود إيران وباقي يهود العالم، وذلك بمناسبة ما يسمى (روش هشناه) أو يوم رأس السنة العبرية، وهذه سابقة لم تقم بها الأنظمة الإيرانية المتعاقبة من قبل ومع هذا التوجه الميكافيللي المستخدم فيه التقية الشيعية يتقزم الدور العربي السني أمام هذا النفوذ القوي المدعوم بأقليات منتشرة على طول الوطن العربي والمدعوم بتعاون القوى الكبرى روسيا والصين ليكتمل محور القوى بأمريكا صاحبت النفوذ الأقوى في المنطقة.
المد الشيعي الإيراني الكهنوتي وجد ملاذه الآمن وضالته المنشودة مع تراجع الربيع العربي؛ لأن نجاح الربيع العربي يعني صعود الحركات الإسلامية السنية التي لن تقبل بدور شيعي فاعل في المنطقة، ولقد ظهر ذلك جلياً في تعامل الرئيس مرسي في زيارته لإيران ومنهجية تلك الحركات تجاه الانحراف الشيعي.
أما مع تراجع الثورات العربية، فقد ضعفت الثورة السورية، وكذلك الليبية؛ وعليه أصبحت العراق فريسة لا راعي لها.
– وهنا نلقي الضوء على العلاقة الشيوعية الرافضية؛ فهي علاقة عميقه وتاريخية بدأت منذ تعاون الحزب الشيوعي مع الخميني في ثورته ووضع قيم ومبادئ شيوعية في الدستور الإيراني بعد الثورة مروراً بدعم إيران للتحالف الحوثي الشيوعي بالجنوب وتكوين التحالف الدولي المحوري هو: فنزويلا الشيوعية – كوبا الشيوعية – إيران الرافضية.
وبذلك تحصل إيران الكهنوتية على مقاييس الرسم للخريطة السياسية التي تقوم على تغييرها بدايةً من عهد السلطان عبد الحميد الثاني إلى يومنا هذا ودورها المشبوه في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
– كيف يتم وقف التمدد الشيعي الكهنوتي؟
يتم وقف هذا المد على عدة محاور منها:
المحور السياسي: إنشاء تحالف إسلامي يضم الدولة العربية والإسلامية ليتم محاصرة إيران سياسياً، والقيام بالتدخل العربي السريع والمباشر في كل قضايا الصراع العربي لتفويت الفرصة على إيران.
المحور الدعوي: القيام بحملات توعوية حول المذهب الشيعي وخطورة فكره الدموي التوسعي. وتوعية ولقاءات خاصة مع القيادات الصوفية بالبلاد العربية. ومحاصرة أي لجان دعوية شيعية تقوم على نشر المذهب الشيعي ببلاد أهل السنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *