لمن يدعون أن الاختلاط في الأعراس لا بأس به؛ ويقيسون بدليل الواقع العقلي وهو أننا لا نرى حرجا في الاختلاط في المطاعم والمقاهي فلماذا نحرمه في الأعراس والحفلات؟!
أولا: لقد أفتى بتحريم الاختلاط العلماء الأكابر قديما وحديثا .
وثانيا: إليكم دليل عقلي وعملي (على شكل حوار ثنائي بين شيخ ومتعلم) بكون الاختلاط لا يجوز إلا في حالات محدودة وبشروط وضوابط:
الشيخ: لا يشك عاقل فضلا عن عالم أن هذا زمان فتنة وتبرج وسفور، أليس كذلك؟ حتى قال الشيخ أبو أويس حفظه الله -استنادا الى حديث (من رأى منكم منكرا…)-: يمكن أن نقول أن المنكر في هذا الزمان هو الذي يرانا ولسنا نحن الذين نراه…
المتعلم: صحيح، وهذا لا شك فيه.
ش: وأعتقد أنه يجب تحريم الاختلاط حتى في المساجد…
م: ماذا تقول أليس الاختلاط محرم في المساجد؟
ش: إذن كيف تزعم أن الاختلاط في المساجد لا يجوز وتعتقد أنه يجوز في الأعراس والحفلات…أضف إلى أن المسجد هو آخر بقعة على وجه الأرض يمكن أن يقصدها الإنسان ليفتتن بالنساء؛ ولو كان كذلك لافتتن الحجاج والمعتمرون في المسجد الحرام، ومع ذلك فإن الاختلاط في المساجد حرام… إلا المسجد الحرام ولأسباب معروفة…
م: لكنه إذا حرمنا الاختلاط في جميع الأماكن لن تقوم للحياة قائمة…
ش: كلا، فإن الله سبحانه وتعالى عندما حرم الاختلاط في المساجد كان يعلم في علمه المسبق أنه ستكون للحياة قائمة في المسجد وغيره…
م: أنت تكلمني عن المسجد وأنا أريد أن أعرف كيف ستمنع الاختلاط في باقي الأماكن؟
ش: لن أقول لك كيف -لأن هذا يستوجب بحثا دقيقا في كل مجال على حدة، فيكفيك أن تطلع على ما قامت به بعض الدول الإسلامية في هذا المجال- وإنما سأقول لك (كي يطمئن قلبك) ما هي الشروط والضوابط للاختلاط والحالات والأماكن التي يجوز فيها… مع أنني لا أدعي الإحاطة:
أولا الشروط والضوابط:
1. أن لا تكون النساء متبرجات (والتبرج في زماننا اتخذ اشكالا كثيرة).
2. أن لا تكون هناك خلوة غير شرعية.
3. أن لا يكون هناك خضوع بالقول.
4. أن لا يكون هناك رقص للرجال والنساء معا.
5. أن لا تغني امرأة للرجال أو رجل للنساء.
6. امرأة واحدة متبرجة وسط ألف رجل يعد اختلاطا.
7. رجل وسط النساء للحاجة مع غض البصر وأن يلبس لباسا شرعيا.
8. أن لا يكون هناك اتصال بين الرجل والمرأة لغير الحاجة والضرورة ولمدة طويلة تخشى عليه الفتنة.
9. النساء المتزوجات والرجال المتزوجون ولو مع أزواجهم يعد اختلاطا إن لم تراع الشروط والضوابط السابقة.
10. الافتراق عن الازواج في الأعراس غير مختلطة لا يعتبر حيفا أو انحرافا أو ظلما للزوجين وإنما هو امتثال لشرع الله.
11. التقاليد والأعراف لا تحل حراما ولا تحرم حلالا.
12. دعوى البحث عن زوج أو زوجة في الأعراس المختلطة زلة في أول المسير وعواقبها ليست محلا للبسط.
13. النساء المتحجبات ينطبق عليهن نفس حكم النساء المتبرجات في الأعراس المختلطة.
14. إجابة دعوة أخيك أو أختك واجبة ولكن ليس في مكان الفتنة.
15. الرجال الأجانب بالنسبة للمرأة والنساء الأجنبيات بالنسبة للرجل محددون بنص الشرع (فالحمو مثلا ليس محرما ).
الحالات والاماكن التي يجوز فيها الاختلاط (مع تطبيق الشروط والضوابط أعلاه والغض من البصر) :
– في حالة طبيبة ومريض أو طبيب ومريضة إن لم يوجد غيره(ها) في الكفاءة أو كانت الحالة مستعجلة.
– في حالة المعلم والمتعلمة أو المعلمة والمتعلم إذا أمنت الفتنة مع مراعاة الشرط رقم 2.
– في حالة صاحب الحرفة أو الصانع (خياط، حداد، نجار،…) مع زبونة أو العكس، مع مراعاة الشروط والضوابط رقم 2 و3 و8.
– في حالة المستفتية إذا كانت امرأة مع المفتي (أو العكس)، مع مراعاة الضوابط رقم 1 و2 و3 و8.
– في المسجد الحرام وهذا أمر معلوم.
وأخيرا أقدم بعض النصائح لنفسي أولا ثم لإخواني وأخواتي الذين ابتلوا بالأماكن المختلطة سواء في العمل أو وسائل النقل العمومي الخ:
– غض البصر.
– عدم السلام باليد على النساء لأنه لا يجوز شرعا.
– البحث عن عمل لا يوجد فيه اختلاط مع الدعاء.
– الجلوس في مؤخرة وسائل النقل العمومي إن لم يوجد غيرها.
– عدم الذهاب للأسواق والمتاجر الكبيرة المعروفة بالاختلاط والتبرج والبحث عن غيرها.
– اجتناب المكوث الطويل مع الأسرة الكبيرة إن كان في المجلس أجنبيات إلا للضرورة: السلام على الأجداد والأخوال والأعمام مثلا.
والله تعالى أعلم.. وصلى الله وسلم على محمد وآله..