بمناسبة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العام 1443ه نظمنا مسابقة لتلاميذ السلك الإعدادي حول أفضل رسالة يوجهها تلميذ لرسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث أخبرنا التلاميذ: إذا كان بمستطاعكم مراسلة النبي صلى الله عليه وسلم فماذا ستقول الله؟
لم أكن أتوقع أن المشاركة ستكون بأعداد كبيرة فكل التلاميذ يريدون مراسلة نبيهم والظريف في الأمر بعد قراءتي لكل رسائلهم لأستخلص منها الفائز، وقعت في حيرة من أمري، إذ كنت أتوقع من غالب الرسائل أن تكون رسائل بسيطة وجد عادية بحكم ما أعرفه عن المستوى الثقافي لتلاميذها خصوصا في جانب السيرة النبوية، ففوجئت بمستوى بديع في الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أرجع لي الأمل في هذا الجيل الصاعد لعله يقدم ما لم نقدمه نحن لهذا الرسول الكريم، وما علينا نحن كجيل شب وقارب الأربعينات إلا أن يساعد الجيل الناشئ ويقرب السيرة النبوية منه علما وعملا.
الظريف في الأمر أن كل رسائل التلاميذ تضمنت اعترافا بالنبوة وبث الشوق للقيا هذا الرسول الكريم واعتذارا له عن حال الأمة، وقلت في نفسي: والله هذا جيل فيه خير كبير، فما دام هذا إحساسه بالنبي الكريم مع ما قصرنا مع هذا الجيل في التربية والتعليم إلا أنه لا زال يفاجئنا بالكثير، واستمتعت كثيرا بقراءة تلك الرسائل الراقية والشديدة الأدب مع الرسول الكريم حتى والله صعب علي استنباط أولها، فقلت : كلهم فائزون بالرتبة الأولى، لكنني أحببت أن أتقاسم مع القرآء الكرام رسالة من الرسائل التي أخذت بلبي واستهوتني وجعلتني أدرف الدموع وأنا أقرؤها: وهي رسالة تعود للتلميذة يسرى زريوح من الثالثة إعدادي تقول فيها مخاطبة الرسول الكريم:
سيدي رسول الله:
ينتابني شعور في منتهى الرقة والغرابة، وأنا أخط لك هذه الكلمات، يغمرني الشوق والحنين لك يا سيدي، والخوف والخجل من التوجه لحضرتك الشريفة بالكلام، لكنني أود أن أكتب لك هذه الرسالة، بمناسبة ذكرى مجيئك إلى الدنيا، ونفسي أن أتجاذب معك أطراف الحديث كما لو كنت سأستدفئ بحضنك ولو لمجرد وهلة، قبل أن أعود إلى برودة هذا العصر.
يا حبيبي، يا رسول الله: أشعر بالأسى والحزن والفراغ في بعض الأحيان، كوني لم أحظ بشرف رؤيتك، والجلوس في حجرك الشريف، ولم أذق حلاوة الإصغاء إلى موعظتك وحديثك، ولم يسعفني الحظ أن ألمس طيبتك وحنانك ورحمتك، لكن سرعان ما أستغفر الله واحمده على نعمة اليقين والإيمان، فقد آمنت بك يا سيدي ولله الشكر والحمد، فبينما فارقنا جسدك الشريف، روحك لا زالت ترفرف لتملأ قلوبنا بمحبتك يا رسول الله، وتنير أعيننا نورا.
كان ودي أن أطمئنك على أحوال أمتك يا رسول الله، ولكن مسلمي هذا الزمن تائهين وسط الظلام الحالك في وضح النهار، والقليل منهم من يدري بسحابة الفساد والتضليل التي تعلوهم وتغطي أنوار الهداية عليهم، فما أحوجنا إلى هديك يا سيدي صلوات الله وسلامه عليك.
لم أشعر من قبل بهذا القدر من الراحة والاسترخاء، لكن مع ذلك حان وقت ختامي لهذه الرسالة أيها الحبيب، هنيئا لنا بمولدك الشريف، وسلام عليك يوم ولدت ويوم لحقت بالرفيق الأعلى، وأزكى التسليم عليك يا خير الخلق.