“شهر شتنبر 1913 المنصرم مر هادئا، لكن قواتنا بمختلف النواحي قامت فيه بعدة جولات لتثبيت النتيجة المسجلة هذه.
في ناحية فاس كومندار دائرة لحياينة نفذ في سوق أربعاء تيسة في 14 أكتوبر تعارفا مع شرفاء اولاد أجانا، وفي سوق سيدي اعلي المرنيسي نفذ تعارفا آخر يوم 21 بهوارة اديال لوطا، حيث تقدم حوالي 8 كلم من اوطا بوعبو على بعد 36 كلم من جنوب شرق تيسة.
مركز تيسة استقبل عددا من الخيام الخاضعة من مغراوة امسون المستقرين من مدة في لحياينة على حافة اتسول والتي في فخذة بني فارس بالتسول.
تواصل في ناحية مكناس استقبال الخاضعين من خيام كروان، خاصة الشريف مولاي اعلي الذي يرأس 100 خيمة من العصاة.
في 21 أكتوبر جماعة أيت حاتم من زيان حطت رحالها في سيدي باقلول بين معسكر بطاي وأكوراي، كما تم أيضا التحاق بعض العصاة بناحية الرباط.
في نفس الآونة قامت مفرزة من مركز والماس في 22 أكتوبر بالسير لواد كنور على بعد 12 كلم من المركز السالف ذكره، من أجل حماية دخول ألف خيمة من بني حكم (زمور) وزيان، جزء منها أقام في ولماس والباقي (بني حكم) رجعت لمضاربها بتيدير.
في ناحية مزكان الكولونيل بيلتيي قام في أكتوبر بجولة في عبدة في مؤخرة ناحية أسفي لإعطاء الثقة للسكان في استتباب الأمن بالناحية، ومعاقبة بعض النهاب بتتريكهم، وقد كانت الجولة ناجحة.
في سوس كان الفوز في 23 شتنبرحليف حيدة اميس باشا تارودانت الذي تعارك في تيوت مع أنصار الهبة، وواصل في 5 أكتوبر التحدي على أسوار تارودانت، وبعد خمس ساعات من المواجهات مع العصاة الذين أرادوا دخول المدينة عنوة تم انكسارهم ومطاردتهم من قبل رجال المخزن.
أيضا اشتوكة تخلوا عن مشروع الهبة وعادوا لديارهم، ناهجين نهج الطاعة بين يدي قائد تزنيت، الهدوء تم أيضا جزئيا في هوارة حيث وضعت بعض الفخذات نفسها رهن إشارة المخزن.
فرقة مخازنية توسعت في جولانها حول تزنيت بفضل مساعدة شريف تازروالت والقايد بن دحان والعيار الجراري؛ الهبة أيضا طوق من طرف المنشقين عليه المتزايدين، مما فرض عليه مغادرة أسيرسيف في اتجاه ووجان على بعد 45 كلم جنوب شرق تيزنيت حيث أخوه حسنة.
بجوار أكادير يجب الإشارة بأنه في 23 أكتوبر، جماعة مؤلفة من 150 من العصاة هاجمت مفرزة حماية ورش بلوخوس بفونتي، بعده بأربعة أيام جماعة أخرى أكبر وأقوى هاجمت مفرزة من أربعة سرايا مشاة، وثلاث فصائل رشاشات، وفصيلة مدفعية، ومفرزة خيالة، لكنهم ردوا على أعقابهم فارين في الجبال.
في 28 منه البارجة فريانت قصفت بنجاح التجمعات السكنية بلكسيمة المجاورين لمصب واد سوس الذين آووا النازحين من العصاة، وتم تدمير دار قائد الهبة محمد بن عبد الرحمان.
بالمغرب الشرقي تفكك القبائل العاصية متواصل تدريجيا، مركز امسون استقبل يوم 12 أكتوبر 1913 زيارة خلادي ولد لزرق من طايفة (لبرانس)، وفي 14 منه استقبلت أيضا أربعة من أعيان بني بوحمد.
يوم 29 مفرزة حماية ورش دراسة خط السكة الحديدية تعرض للهجوم في تامنسافت على بعد 7 كلم من جنوب غرب مسون من قبل جماعة من بني وراين تهيلت فتم إبعادهم.
نفس اليوم فرقة استكشاف من مركز النخيلة هوجمت في منحدر غرب كيليز (14 كلم جنوب غرب المركز) من قبل مجموعة من بني بويحيى الذين خسروا نحو ثلاثين فارس.
جولة السلطان يوسف انتهت يوم 23 أكتوبر في الرباط بعد زيارته لمزكان والدار البيضاء، كانت الجولة ناجحة بفضل الحماية الفرنسية.
يوم 3 نونبر توجه الجنرال ليوطي لتهنئة السلطان بالعودة للرباط من جولته، وأثناء الاستقبال قال مخاطبا السلطان:
“أتقدم لجلالتكم بتهانئي بمناسبة نجاح سفركم، وابتهاجي بعودتكم لعاصمة امبراطوريتكم الرباط، اجتماع المصالح الشريفة بهذه المدينة ومصالح الحماية ستسمح بتحريك ودفع إعادة التنظيم الإداري من أجل الحصول على أكبر كسب للأمن والعدل والتهدئة، التي بذلنا فيها جهدا كبير منذ اعتلاء جلالتكم العرش.
أنا مبتهج شخصيا بحضوركم هذا في الرباط، حيث سيسمح لنا بتعاون حميمي مع جلالتكم في أضيق نطاق مما سيعطي نتائج هامة ستتجلى في السياسة العامة للإمبراطورية الشريفة.
لقد وثق حضوركم بمراكش ورسخ السلطات المخزنية في كل جنوب الإمبراطورية، وحقق تحرككم الشخصي في سوس نتائج مبهرة لم تكن منتظرة.
على طول مسافة رحلة عودتكم عبر عدد من الأقاليم التي لا سلطان بها منذ سنين، تجلت لعيون الشعب السلطات الشريفة بوضوح” (إفريقيا الفرنسية 1913؛ ص:396).
انتصارات تارودانت
جاء في الجريدة الرسمية ع5/س1؛ 13/6/1913:
“مبادلة التلغرافات بين الحكومتين الفرانساوية والمغربية بمناسبة انتصارات تارودانت
بعد اندحار الهبة واستيلاء المحلة الشريفة على مدينة تارودانت بعث سعادة المقيم العام إلى جلالة السلطان مولاي يوسف تهانئ حكومة جمهورية دولة فرنسا بذلك المتصلة به من وزير الخارجية الفرانساوية بهذه العبارة وترجمتها:
أرجوك أن تقدم لجلالة الحضرة الشريفة خالص تهاني حكومة جمهورية دولة فرنسا على الانتصارات الكبرى التي حصلت لها بالمغرب الجنوبي، وتكون حكومة الجمهورية شاكرة لجلالة السلطان إذا ما تفضل وبلغ الجنود المخزنية ثناءها عليهم لما قاموا به من الأعمال الحربية الكبرى المبلغة لنا من قبلكم”.
فأجاب السلطان على ذلك بما يأتي:
“تلقى جنابنا الشريف بمزيد السرور، التهاني الفائقة التي وجهتها له دولة جمهورية فرنسا المعظمة، ولنا الفرح أن نبلغ جنودنا السعيدة ثناء الدولة الجمهورية الفخيمة عليها، ولا غرو أن نجاح الجنود الفرنسوية وتغلبها على القبائل العاصية في شرقي وشمال الإيالة وانتصارات محلاتنا السعيدة على الثائر بالقطر السوسي هو دليل قاطع على اتحاد دولتنا ودولة الجمهورية، وبذل كل ما في وسعها لبسط الأمن بإيالتنا الشريفة”.
وفي العدد السالف المذكور من الجريدة الرسمية، صدر قرار من الصدر الأعظم بشأن تنظيم لجنة لفحص الدعاوى والشكايات المتعلقة بحوادث فاس ومراكش وما أشبهها، وهو التالي:
هذا قرار اقتضى نظر المخزن إصداره وتنفيذه مشتملا على فصول أربعة
الفصل الأول: أسست لجنة خصوصية تتكلف بالبحث في الشكايات المتعلقة بحادثة فاس ومراكش وما أشبه من الوقائع.
الفصل الثاني: تتركب اللجنة المذكورة من رئيس وهو مسيو لندري مستشار العدلية بالدولة الحامية، ومن أعضاء وهم: مسيو ورفبل والطبيب مسيو فسكربير ومسيو اليبرج ومسيو أنفروادي فريزر والضابط مسيو كنوج، ومن عضو نائب وهو السيد الشريف عمر، ومن كاتب وهو مسيو بورسي.
الفصل الثالث: تجتمع اللجنة المذكورة بدار السفارة العامة باستدعاء من رئيسها كلما تدعو الحاجة لذلك.
الفصل الرابع: يمكن للجنة أن تستدعي أمامها كل شخص ترى المنفعة في استرشاده”
وبه ختم القرار في 28 جمادى الأولى عام 1331 محمد المقري
قال ناقله لطف الله به”.
فانظر مبلغ ما وصل فيه الغزو من تنطع وعتو، بحيث أصبح يغزو البلد ويدمره ويعين لجنة من قبله هي التي تحدد الأضرار التي لحقت بالمعتدين ليتم تعويضها، أما المعتدى عليه فلا بواكي له ولا حق له في التعويضات التي ستقررها اللجنة المشكلة وفق ما سلف.