أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشريف الإدريسي التلمساني هو العالم الأصولي وعلامة بلاد المغرب في زمنه من أهل القرن الثامن الهجري ولد سنة 710هـ– 1310م بقرية العلويين إحدى قرى أعمال تلمسان.
وجد نسبه بخط ابنه أبو محمد عبد الله الغريق وهو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن يحي بن علي بن محمد بن القاسم بن حمود بن علي بن عبد الله بن ميمون بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، الحسني الهاشمي القرشي المشهور ببلاد المغرب كان لا يدافع عن نسبه ولا يلتفت إلى من يطعن فيه.
نشأ الشريف التلمساني رحمه الله في أسره علم و دين ونسب ووجاهة كان والده أبو العباس أحمد بن علي من فقهاء تلمسان بزمانه ووجهائها وخاله عبد الكريم من أهل التقوى والصلاح واليسار حرص على تنشئته وتربيته تربيه علمية ودينية في حاضرة بني زيان وعاصمة المغرب الأوسط تلمسان مدينة العلم والإشعاع الفكري في العصر الوسيط.
بعد أن أخذ من معين علماء بلدته ارتحل إلى فاس وتلقى عن شيوخها، ثم إلى تونس ولقي هناك عدة من العلماء استفاد من علمهم، عاد بعد رحلته العلمية إلى مدينة تلمسان وجلس لتدريس العلوم الشرعية والعقلية حتى ذاع صيته بين الأمصار والأقطار فالتف حوله طلبة العلم من شتى البقاع.
عايش الشريف التلمساني الكثير من الفتن التي وقعت بين بني مرين ملوك فاس وبني زيان ملوك تلمسان وقد أخذه أبو عنان المريني إلى فاس في جملة من أهل تلمسان بعد أن دخلها وصارت تحت حكمه.
قال عنه ابن مريم في البستان: “وكان من أجمل الناس وجها وأهيبهم وأنوار الشرف في وجهه باهرة وقورا مهيبا ذا نفس كريمة وهمة نزيهة رفيع الملبس بلا تصنع سري الهمة بلا تكبر حليما متوسطا في أموره قوي النفس يسرد القول في أخلاقه مؤيدا بطهارة ثقة عدلا ثبتا سلم له الأكابر بلا منازع أصدق الناس لهجة وأحفظهم مروءة مشفقا على الناس رحيما بهم يتلطف في هدايتهم لا يألو جهدا في إعانتهم والرفق بهم وحسن اللقاء ومواساتهم ونصح العام كريم النفس طويل اليد رحب الراحة يعطي رفيع الكساء الرقيقة ونفقات عديدة ذا كرم واسع وكنف لين وبشاشة وصفاء قلب”.
كان الشريف التلمساني رحمه الله من أكابر العلماء المجددين ببلاد المغرب وقد كان بارعا في الفلك والحساب والمنطق والتاريخ والهندسة والفلاحة إلى جانب علمه الوفير بعلوم الدين من تفسير وحديث وأصول الدين وكان إمام المغرب بزمانه. ذكره جملة من العلماء والمؤرخين ممن عرفوه وعايشوه منهم العلامة ابن خلدون و بن مرزوق الحفيد. ترك الإمام التلمساني مصنفات كثيرة أشهرها:
“مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول”، و”مثارات الغلط”، و”شرح جمل الخونجي”، و”كتاب في القضاء والقدر”، و”كتاب في المعاوضات أو المعاطاة” و”وعدة مصنفات أخرى ورسائل وفتاوي”.
توفي رحمه الله سنة 771 هـ (1370 م) وقال السلطان أبو حمو موسى الثاني الزياني لابنه عبد الله: “ما مات من خلفك إنما مات أبوك لأنني أباهي به الملوك” ودفن بالمدرسة اليعقوبية مع أبي يعقوب والد السلطان أبي حمو وعمه السلطان أبي سعيد وهو ما يعرف اليوم بجامع سيدي إبراهيم المصمودي بمدينة تلمسان.