آيات تفهم على غير وجهها (سورة الزخرف) إبراهيم الصغير

قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}55.
كلمة «آسَفُونَا» ليست من الأسف، بل أغضبونا.
قال القرطبي: قوله تعالى: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) روى الضحاك عن ابن عباس: أي غاظونا وأغضبونا. وروى عنه علي بن أبي طلحة: أي أسخطونا. قال الماوردي: ومعناهما مختلف، والفرق بينهما أن السخط إظهار الكراهة، والغضب إرادة الانتقام. قال القشيري: والأسف ها هنا بمعنى الغضب، والغضب من الله إما إرادة العقوبة فيكون من صفات الذات، وأما عين العقوبة فيكون من صفات الفعل، وهو معنى قول الماوردي.
قال البيضاوي: فَلَمَّا آسَفُونا أغَضبونا بالإِفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه.
قال بن عاشور: والأسف: الغضب المشوب بحزن وكدر، وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل آسفونا لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاما كانتقام الآسف لأنهم عصوا رسوله وصمموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام.
قال بن عطية: وآسَفُونا معناه: أغضبونا بلا خلاف.

قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}60.
كلمة «منكم» تعني بدلا منكم ومكانكم.
قال القرطبي: (ولو نشاء لجعلنا منكم) أي بدلا منكم ملائكة يكونون خلفا عنكم، قاله السدي. ونحوه عن مجاهد قال: ملائكة يعمرون الأرض بدلا منكم. وقال الأزهري: إن (من) قد تكون للبدل، بدليل هذه الآية.
قال الشوكاني: لو نشاء أهلكناكم وجعلنا بدلا منكم ملائكة في الأرض يخلفون، أي: يخلفونكم فيها. قال الأزهري: ومن قد تكون للبدل كقوله: لجعلنا منكم يريد بدلا منكم. وقيل المعنى: لو نشاء لجعلنا من بني آدم ملائكة. والأول أولى.
قال السعدي: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ) أي: لجعلنا بدلكم ملائكة يخلفونكم في الأرض، ويكونون في الأرض حتى نرسل إليهم ملائكة من جنسهم، وأما أنتم يا معشر البشر، فلا تطيقون أن ترسل إليكم الملائكة، فمن رحمة الله بكم، أن أرسل إليكم رسلا من جنسكم، تتمكنون من الأخذ عنهم.

قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا}61.
كلمة «لعلم» تعني لعلامة وليس العلم الذي هو ضد الجهل.
قال الشنقيطي: ومعنى قوله: لعلم للساعة على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم والسنة المتواترة هو أن نزول عيسى في آخر الزمان حيا علم للساعة، أي علامة لقرب مجيئها، لأنه من أشراطها الدالة على قربها.
قال السعدي: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أي: وإن عيسى عليه السلام، لدليل على الساعة، وأن القادر على إيجاده من أم بلا أب، قادر على بعث الموتى من قبورهم، أو وإن عيسى عليه السلام، سينزل في آخر الزمان، ويكون نزوله علامة من علامات الساعة.
قال القاسمي: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ الضمير إما للقرآن كما ذهب إليه قوم، أي وإن القرآن الكريم يعلم بالساعة ويخبر عنها وعن أهوالها. وفي جعله عين العلم، مبالغة. والعلم بمعنى العلامة. وقيل الضمير لعيسى عليه السلام. أي إن ظهوره من أشراط الساعة.
قال البغوي: (وإنه) يعني عيسى عليه السلام، (لعلم للساعة) يعني نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة: (وإنه لعلم للساعة) بفتح اللام والعين أي أمارة وعلامة.
فلفظة (علم) أي: علامة وشرط من أشراطها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *