أكد الأستاذ عبد المالك زعزاع، الكاتب العام لمنتدى الكرامة، والمحامي بهيئة الدار البيضاء، أن قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القاضي بإغلاق دور القرآن، التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، هو قرار مخالف للقانون.
وقال في الندوة التي نظمتها جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، على خلفية إغلاق مقراتها: “بصفتي كاتبا عاما لمنتدى الكرامة فإنني أستنكر هذا السلوك الخارج عن القانون، والذي يتسم بالشطط في استعمال السلطة، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: لأن الإطار القانوني الذي تشتغل فيه جمعيات المجتمع المدني، بما فيها دور القرآن، يوافق ما تنص عليه المواثيق الدولية من الحق في تأسيس الجمعيات، والتجمعات السلمية، وهذا ما لا تمنعه القوانين الوطنية المتعلقة بالحريات العامة، والمواثيق المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية؛ إذاً فهناك إطار متعارف عليه دولياً، ومادام المغرب قد صادق على هذه المواثيق فعليه أن يحترم الحق في تأسيس الجمعيات.
ثانياً: الدستور المغربي، فإذا رجعنا إلى الفصل 29 من الدستور في نسخته الحالية فسنجد أنه يكفل الحق في تأسيس الجمعيات، بمعنى أن هذا الدستور ينبغي أن يُفَعَّل ويطبق، لا أن يبقى حبراً على ورق، أو مجمداً وبعيداً عن التفعيل والممارسة.
ثالثاً: ظهير الحريات العامة الصادر في 15 نونبر 1958، والذي يحمي بدوره الحق في تأسيس الجمعيات.
وأضاف موجها كلامه لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق: “إن هذه الجمعيات لا تشتغل في إطار قانون 1301 الخاص بالتعليم العتيق الذي تذرعتم به، وإنما تشتغل في إطار ظهير 15 نونبر 1958، والإشكال المطروح هنا: من هي الجهة الوصية على الجمعيات؟
فالجمعيات (دور القرآن) التي تم إغلاقها، تعمل وفق القانون بحيث قدمت ملفها ووثائقها الإدارية للسلطات المحلية، وليس للسيد وزير الأوقاف، وهي جمعيات تنتمي للمجتمع المدني ولا علاقة لها بالتعليم العتيق، ووضعها كوضع باقي الجمعيات الدعوية الأخرى، فهناك “جماعة التبليغ”، و”حركة التوحيد والإصلاح” التي تنظم في مقراتها حصصا لحفظ القرآن الكريم لفائدة روادها، وأنا شاهد على ذلك؛ كما أن عدداً من جمعيات المجتمع المدني تجعل ضمن أنشطتها ما يسمى بـ”صبيحة قرآنية”، ويتم فيها تعليم القرآن الكريم، حفظا وتجويداً ومدارسة وغير ذلك”.
وأكد الأستاذ زعزاع أن المفروض هو إحالة الوصاية على الجمعيات للقضاء، “باعتباره هو الذي ينبغي أن يراقب ويضبط عمل الجمعيات المدنية وليس السلطة المحلية؛ ثم إن وصل الإيداع يُسَلَّم لقسم مصلحة الحريات العامة الموجود بمقر العمالة أو الولاية، وفي المقر الرئيسي لوزارة الداخلية هناك قسم خاص بالجمعيات، وقسم خاص بالأحزاب السياسية، وهكذا؛ وعليه فلا علاقة للتعليم العتيق بعمل مثل هذه الجمعيات”.
وعن حيثيات القرار الجائر بإغلاق دور القرآن، صرح الكاتب العام لمنتدى الكرامة بأن القرار مصادم لقانون تأسيس الجمعيات، حيث قال: “إذا أردنا أن نقف على من يحق له الحكم على بطلان تأسيس جمعية ما، أو الحكم بحلها لأنها مخالفة للقانون، فعلينا الرجوع إلى الفصل الثالث من قانون الجمعيات، والذي يتحدث عن مسألة بطلان الجمعيات، وفيه: “يكون وجود الجمعية باطلا إذا كان من أهدافها ما يتنافى مع الآداب العامة ومع القانون، كالمس بالدين الإسلامي، أو المس بوحدة التراب الوطني، أو المس بالنظام الملكي، أو الدعوة إلى التمييز…” فإذا لم توجد هذه الأمور في عمل الجمعية فإن تأسيسها يكون قانونيا، كما هو الحال مع هذه الجمعية (دار القرآن).
ثم طرح الأستاذ زعزاع سؤالين مهمين كشف من خلال الإجابة عنهما تعارض قرار إغلاق دور القرآن من قبل وزارة الأوقاف مع مقتضيات الدستور، والسؤالان هما: متى يؤمر بالإغلاق؟ ومن يأمر بالإغلاق؟
فقال: “نحن جمعية قانونية، ونتمسك بحقنا في مزاولة أنشطتنا؛ والإغلاق يؤمر به كإجراء تحفظي وليس كإجراء أساسي، ويُنفَّذ الإغلاق بعد سريان الدعوة أمام المحكمة، وليس بالشكل المتعسف الذي تم مع دور القرآن.
وهناك سؤال مهم: هل مقرات جمعية دار القرآن أو أي جمعية من الجمعيات، هي أماكن للتعليم العتيق؟
بالرجوع إلى ظهير 9 يناير 2002 الذي احتج به وزير الأوقاف على “قانونية” الإغلاق، فإننا نكتشف -يؤكد الأستاذ زعزاع- أن الوزير قد خرق القانون بقفزه على عدة نصوص قانونية، وفي مقدمتها الفصل 29 من الدستور، علاوة على عدم تطبيقه لما جاء في نص الظهير المشار إليه، تطبيقا سليما”.
يذكر أن العشر الأواخر من رمضان سنة 1429 هـ (2008م)، كانت قد شهدت إقدام وزارة الداخلية -دون حكم قضائي- على إغلاق دور القرآن التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، وذلك على إثر تفسير رئيس الجمعية الدكتور محمد المغراوي لآية في كتاب الله، تفسيراً لم يخالف فيه علماءَ الإسلام قديما وحديثا، لكن السلطات حينها اعتبرته تفسيرا “متشددا ومشوشا على دين المغاربة”، فعالجت ذلك “التشدد” بشد وثاق عشرات الجمعيات التي تعنى بتحفيظ كتاب الله على امتداد خريطة المملكة، بالرغم من عدم ارتباطها لا إداريا ولا تنظيميا بجمعية الدكتور المغراوي.