حارة المغاربة في القدس

 

تقديرا لجهودهم في نصرة المسجد الأقصى واعترافا بالجميل، حبس الملك الأفضل ابن صلاح الدين البقعة التي كان يقطن بها المغاربة الذين يقصدون القدس الشريف والتي تقع قريبة من حائط الحرم، حبسها عليهم، ليسكنوا فيها وينتفعوا بمنافعها[1].

كما أنشأ لهم مدرسة عرفت بالمدرسة الأفضلية.

وعن الوقف الذي أوقفه السلطان نور الدين على المغاربة، يقول عبد الهادي التازي، في دراسته “أوقاف المغاربة في القدس”:

“ويظهر من نص الوقفية أن صحيفتها الأصلية قد ضاعت، فأعيد تقييد شروط الوقف بأمر القاضي الشرعي بكتاب “متصل الثبوت بحكم الشريعة”.

وقد تم ذلك مرتين:

الأولى: في سنة (666 هـ = 1268م )، بعد نحو أربعين سنة من وفاة الملك الأفضل.

والثانية: في سنة (1004 هـ = 1596 م)، بعد نحو ثمانين سنة من ابتداء الحكم العثماني.

ويوجد نص الوثيقة في السجل رقم 77 ص 588 في المحكمة الشرعية.

وقد أورد نص وثيقة الوقف، المؤرخة في سنة (666 هـ = 1268م )، مصطفى الحياري، في كتابه “القدس في زمن الفاطميين والفرنجة”، تحت عنوان: “القدس الشريف ــ وقفية حي المغاربة (The Islamic Pious Foundations in Jerusalem. London, Islamic cultural centre. 1978).

كما نشرها عبد اللطيف الطيباوي”.

جاء في الوثيقة حدود الوقف أو ما عرف بـ “حارة المغاربة”، كما يلي:

“… الحد الأول وهو القبلي ينتهي إلى سور مدينة القدس الشريف وإلى الطريق المسلوكة إلى عين سلوان، والحد الثاني وهو الشرقي ينتهي إلى حائط الحرم الشريف، والحد الثالث وهو الشمالي ينتهي إلى القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، والحد الرابع وهو الغربي وينتهي إلى دار الإمام شمس الدين قاضي القدس الشريف، ثم إلى  دار عماد الدين بن موسكي، ثم إلى دار الأمير حسام الدين قايماز”.

يقول زياد المدني في كتابه “مدينة القدس وجوارها (1800 – 1820)”: “يتكون هؤلاء المغاربة في القدس من المراكشيين والتونسيين والجزائريين، وقد أقام هؤلاء في جبل الطور في حي خاص سمي حي المغاربة، وكان يتولى زعامة المغاربة شيخ يعينه الوالي، كما كانت لهم زاوية تعرف باسمهم وشيخ يسمى شيخ المغاربة”.

 

وهكذا؛ رأينا كيف أسس السلطان نور الدين الأيوبي للمغاربة حيا خاصا بهم في القدس، قرب المسجد الأقصى وحائط البراق، حماية لهما بهم.

وبالحي (حارة المغاربة) مدرستان: (الأفضلية والمالكية).

وذلك حتى يحافظوا على ما يميزهم ويحموا المقدسات في نفس الوقت، من الاحتلال ومن التهويد، مندمجين مع بقية الساكنة معاشا وتدينا …

وباب المغاربة هو أهم أبواب القدس، وأقربها إلى المسجد الأقصى، وأضعف نقاط الدفاع عنها.

ومنه كان الإسراء ومنه دخل عمر بن الخطاب محررا.

ولهذا خصصت حارته، (45000م2) للمغاربة، لأنهم كما قال عنهم صلاح الدين: “أسكنت بالبطن اللين، بالمكمن الخطر على القدس من يفتكون في البر، وينقضون في البحر، يجاهدون عاما ويحجون عاما يقصد المغاربة طبعا”.

 

[1]  نفس المصدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *