آيات تفهم على غير وجهها سورة الذاريات إبراهيم الصغير

قوله تعالى: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ}7.
كلمة «الْحُبُكِ» تفهم على غير وجهها.
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: والسماء ذات الخلق الحسن. وعنى بقوله (ذات الحبك): ذات الطرائق، وتكسير كل شيء: حبكه، وهو جمع حباك وحبيكة، يقال لتكسير الشعرة الجعدة: حبك، وللرملة إذا مرت بها الريح الساكنة، والماء القائم، والدرع من الحديد لها: حبك…
قال الماوردي: وفي {الْحُبُكِ} سبعة أقاويل: أحدها: أن الحبك الاستواء، وهو مروي عن ابن عباس على اختلاف. الثاني: أنها الشدة، وهو قول أبي صالح. الثالث: الصفاقة، قاله خصيف. الرابع: أنها الطرق، مأخوذ من حبك الحمام طرائق على جناحه، قاله الأخفش، وأبو عبيدة. الخامس: أنه الحسن والزينة، قاله علي وقتادة ومجاهد وسعيد بن جبير. السادس: أنه مثل حبك الماء إذا ضربته الريح، قاله الضحاك. السابع: لأنها حبكت بالنجوم، قاله الحسن.
قال بن عاشور: والحبك: بضمتين جمع حباك ككتاب وكتب ومثال ومثل، أو جمع حبيكة مثل طريقة وطرق، وهي مشتقة من الحبك بفتح فسكون وهو إجادة النسج وإتقان الصنع. فيجوز أن يكون المراد بحبك السماء نجومها لأنها تشبه الطرائق الموشاة في الثوب المحبوك المتقن.
قال الشنقيطي: قوله تعالى: ذات الحبك فيه للعلماء أقوال متقاربة لا يكذب بعضها بعضا.
وأضاف بعد أن سرد الاختلاف الوارد في تفسيرها، قائلا: (والآية تشمل الجميع، فكل الأقوال حق).

قوله تعالى{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}10.
كلمة «الْخَرَّاصُونَ» تشكل في الفهم، فمن الذين عنوا بها في هذه الآية؟
قال الماوردي: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: لعن المرتابون، قاله ابن عباس. الثاني: لعن الكذابون، قاله الحسن. الثالث: أنهم أهل الظنون والفرية، قاله قتادة. الرابع: أنهم المنهمكون، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً.
قال بن عطية: والخراص: المخمن القائل بظنه فتحته الكاهن والمرتاب وغيره ممن لا يقين له، والإشارة إلى مكذبي محمد على كل جهة من طروقهم.
قال البيضاوي: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الكذابون من أصحاب القول المختلف.
قال بن كثير: وقوله: {قتل الخراصون} قال مجاهد: الكذابون. قال: وهي مثل التي في عبس: {قتل الإنسان ما أكفره}[عبس: 17]، والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {قتل الخراصون} أي: لعن المرتابون.
وهكذا كان معاذ، رضي الله عنه، يقول في خطبه: هلك المرتابون. وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون.
قال بن عاشور: والخرص: الظن الذي لا حجة لصاحبه على ظنه، فهو معرض للخطأ في ظنه، وذلك كناية عن الضلال عمدا أو تساهلا، فالخراصون هم أصحاب القول المختلف، فأفاد أن قولهم المختلف ناشئ عن خواطر لا دليل عليها.

قوله تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}29.
كلمة «فِي صَرَّةٍ» تفهم على غير وجهها.
قال بن عطية: والصرة: الصيحة، كذا فسره ابن عباس ومجاهد وسفيان والضحاك، والمصطر الذي يصيح وقال قتادة معناه: في رقة. وقال الطبري قال بعضهم أوه بصياح وتعجب. قال النحاس: وقيل: فِي صَرَّةٍ في جماعة نسوة يتبادرن نظرا إلى الملائكة.
قال القرطبي: قوله تعالى: (فأقبلت امرأته في صرة) أي في صيحة وضجة، عن ابن عباس وغيره. ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته. وقال عكرمة وقتادة: إنها الرنة والتأوه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان. قال الفراء: وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي. وقيل: أقبلت في صرة أي في جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة.
قال الجوهري: الصَّرَّةُ الضجة والصيحة، و الصَّرَّةُ الجماعة، و الصَّرَّةُ الشدة من كرب وغيره.
قال أبو السعود: {فِى صَرَّةٍ} في صيحةٍ من الصريرِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *