أعاد حادث تسريب الشذوذ الجنسي عبر مقرر دراسي لمحو الأمية بمساجد المملكة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزيرها أحمد التوفيق، لدائرة الأضواء.
حيث أن الخطأ الفادح الذي وقعت فيه الوزارة ما كان له أن يمرّ دون أن يحدث ردود فعل غاضبة، على شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، وصلت حد رفع مطالب بإقالة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق من منصبه.
فعلى الرغم من مسارعة الوزارة لمراجعة وتعديل المقرر المذكور، وإصدارها مذكرة بحذف العبارة المثيرة من الكتاب التعليمي للمستوى الثاني ببرنامج محو الأمية بالمساجد، إلا أنه، وانطلاقا مما نص عليه الفصل الأول من دستور 2011، وما فتئ يكرره الملك في عدد من خطبه، يتعين ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إذ أن المقرر الذي أثار الجدل يمرّ عبر لجنة مختصة يشارك فيها باحثون من تخصصات مختلفة، ومن المتعيّن أن تؤشر عليه ذات اللجنة قبل الإذن بطبعه، فإما أن هذه الأخيرة وافقت على التسامح مع الشذوذ وتعمدت التطبيع معه في مقررات موجهة لمواطنين من المفروض فيهم أنهم من ذوي الثقافة المحدودة، وإما أنها أخلت بمسؤوليتها المهنية ولم تراجعه على الوجه الذي كان ينبغي، أو أنه لا قبل لها بالمصطلحات الحقوقية والفكرية التي تطبّع مع اللواط والسحاق في دولة إمارة المومنين، تحت مسمى “رفض التمييز على أساس التوجه الجنسي”.
وكل الاحتمالات المذكورة تؤكد وجوب تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بوزارة التوفيق، وعدم الاقتصار على اعتماد الصرامة مع العلماء والخطباء والأئمة والقيمين الدينيين فقط، والذين لا يتوانى الوزير من أجل تطويعهم، اعتمادَ منهجَيْ الترويض والتطويع؛ أو الفصل والإبعاد؛ على اعتبار أن المخطط الوزاري للسيد التوفيق يهدف إلى رسم “خريطة لمشروع ديني متساوق مع المشروع السياسي ورافد له أيضا ..من شأنه أن يزيل من الأذهان تماما أن هناك احتمال التنافر أو الاصطدام بين هذه المقومات“.
ثم لا يجب أن نفصل تمرير الشذوذ الجنسي في مقرر لتدريس محو الأمية بالمساجد عن سياقه الإقليمي والدولي، والذي يشهد حملة كبيرة للدعوة للتسامح والتعايش مع الشواذ و”المثليين”، حيث أن ألوان “قوس قزح” وشعار الفخر/شعار اللواطيين، صبغ أبرز الدوريات الأوربية لكرة القدم، ناهيك عن الأفلام والمسلسلات والأغاني والكليبات والتطبيقات والمنصات وشبكات التواصل الاجتماعي.. بل وصل إلى لعب الأطفال وأدواتهم المدرسية.
ما حدا بعدد من الهيئات العلمية في العالم الإسلامي أن تطلق صيحة نذير، تحذيرا من الغيوم السوداء الداكنة لفعل قوط لوط، حيث أصدر “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” بيانا أكد من خلاله أن “محاولات فرض ثقافة الشذوذ الجنسي على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحريات هو من قبيل التَّلاعب بالألفاظ، والتَّنكُّرِ للدِّين والفِطْرة والقيم الإنسانية، والعودةِ إلى عهود التَّسلط الفكري في أزمنة الاستعمارِ وفرضِ الوصاية على الشُّعوب والأمم”.
وأكد شيخ الأزهر، أحمد الطيب، أننا “نشهد الآن غزوا ثقافيا غربيا لمجتمعاتنا الشرقية هبّ علينا كالغيوم السوداء الداكنة بدعاوى الحقوق والحريات؛ لتقنين الشذوذ والتحول الجنسي وغير ذلك من الأفكار غير المقبولة شرقيا ولا دينيا ولا إنسانيا”.
وفي ذات السياق شدد مفتي المملكة العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، على أن الشذوذ الجنسي “من أبشع الجرائم وأقبحها عند الله تعالى”، وأضاف بأن “أصحاب هذه الجرائم ممقوتون عند الله تعالى، موصوفون بالخزي والعار في الدنيا والآخرة”.
وإذ لزمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب الصمت حيال ما يهدد الأمن العقدي والسلوكي للمواطنين، فلا مناص، والمسؤولين عنها يرون تحركات أحزاب سياسية ومنابر إعلامية ومراكز فكرية، من أجل الدفاع عن السلوك الجنسي المنحرف، والضغط على المغرب من الداخل لتوسيع دائرة الحريات الفردية، والقبول دون تحفظ بالمواثيق الغربية في هذا الشأن، فلا مناص، على الأقل، من ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقليد المناصب من يستحقها، لا من يتملق ليبلغها وهو فاقد للأهلية والكفاءة.