أحمد التوفيق.. سياسة التجفيف ومخاطر الانفجار مصطفى الحسناوي

تعرفت على أحمد التوفيق الأديب وأنا في السجن حين قرأت له بعض أعماله الأدبية، وعرفت أحمد التوفيق أستاذ التاريخ قبل ذلك، فقرأت له مؤرخا ومحققا، ولا زلت أبحث عنه شيخا أو عالما في الشريعة أو أصوليا أو مفسرا أو محدثا، فلم أجده.
كيف لشخص ليس له حضور ولا دراية ولا مشاركة في دين المغاربة، فيما يتصل بدراسته أو بتدريسه أو التأليف فيه أن يتولى هذا الشأن العظيم. كيف لشخص قادم من محاضن التصوف الخرافي العلماني، أن يكون مؤتمنا على عقيدة وشريعة وفقه وإيمان المغاربة وأمنهم الروحي. دون أن يتأثر بأذرع العلمانية الضاربة والمتحكمة.
يبدو كلامي قاسيا نوعا ما، لكن قسوة الواقع والأحداث المتوالية أشد وطأة. فالسيد أحمد التوفيق الأديب والمؤرخ والمثقف والطرقي ورجل الدولة، تحكمه ثلاث عوامل مؤثرة في سياسته:
العامل الأول خلفيته الطرقية:
ومعلوم أن التصوف الطرقي الغارق في الخرافات والانحرافات، لاعلاقة له بالتصوف السني، لذلك أصبح هذا النوع من التصوف نموذج جذب لمخططات الغرب، من أجل التعميم والتمكين له، كونه يتماهى مع سياساته في الهيمنة وإبعاد الدين من أن يكون مؤثرا وفاعلا على مستوى الفرد والجماعة. وهو النموذج العملي لتنظيرات العلمانية، التي تدعو لتدين لا ينعكس على واقع الإنسان ولا يؤثر فيه، طقوس في المعابد المغلقة، وبعدها ينطلق الإنسان في حياته ليكذب ويسرق ويمكر ويغدر ويمارسه سياسته وحياته عموما دون رقيب ولا حسيب.
العامل الثاني تكوينه الأكاديمي:
كثيرا ما يردد البعض أن الخطيب أو المفتي الفلاني ليس له تكوين شرعي، أو أنه ليس مزكى من المجالس العلمية، وهذا ما ينطبق على السيد أحمد التوفيق تماما. فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه، وكيف لرجل لم يؤكد حضوره الشرعي، ولم تعرف عنه دروس علمية ولا مؤلفات علمية شرعية، أن يتولى أمر تسيير وتدبير الشأن الديني.
العامل الثالث كونه رجل دولة:
وهو ما يجعله يتصرف وفق سياسة تراعي التوافقات والاتفاقيات والسياسات الدولية، فهو في تدبيره للشأن الديني، محكوم بالمصالح والمكتسبات السياسية، أكثر مما هو محكوم بالقواعد العلمية والشرعية والأخلاقية. وكونه الرجل الأول في وزارة سيادية، يجعله مطلق اليد في سياسته دون حسيب ولا رقيب. غير خاضع لمساءلة أو متابعة، أو معاقبة من طرف الشعب.
إن هذه العوامل، تجعلنا أمام شخصية تخدم ببراغماتية واضحة، ما تعتقد أنه مصالح عليا، بخلفية علمانية ودون اعتبار للشرع، وتجعل للعلمانية اليد الطولى والعليا على الشرع ومقاصده وعلمائه، تماشيا مع خلفيتها الصوفية وتكوينها الأكاديمي وحساباتها السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *