تداولت مواقع التواصل رسالة انتحار لفتاة سورية، آثرت أن تضع حدًّا لحياتها وتصون عفتها وطهارتها على أن تقع أسيرة تدنسها أيدي المجرمين الغاصبين، ورأينا للأسف صور فتيات ألقين بأنفسهن من منازلهن بعد أن صرن قاب قوسين أو أدنى من الفجرة. تكاد تتميز من الغيظ وأنت تستشعر ما يعشنه من خوف وألم ووجع، ثم لا تملك أن تذود عنهن أو تواسيهن. حسبك أن تعلم أنهن قلن عن تلك الأحداث أنها: قيامة، لتدرك حجم الفاجعة التي حلّت بهن وبكل المسلمين المستضعفين.
من نحن حقا؟ هل فعلا نحن بشر من لحم ودم؟ من أي الأجناس الكونية صارت شعوبنا؟ ومن أي صخر قُدّت قلوبنا؟ حتى الحروف صارت تلعننا وتلعن ذاتها وهي ترانا نخطها ونحن آمنون بين أهلينا، نأكل ونشرب ونمارس عاداتنا السخيفة ثم نتباكى خلف الشاشة، لسان حالها: اللهم دكّ هذا العالَم دكّا دكّا!!
ما الذي يستفزنا نحن العرب.. لم أعد أدري والله، كل أشكال القتل والقهر والإذلال نشاهدها من سنوات بفلسطين والعراق واليمن وسوريا وبورما، مآسي تتناسل فينا منذ سنوات، ومع كل نزف تزداد جرعة البلادة فينا. إذا كان الإمام الشافعي قال: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، فنحن والله أحط من الحمير، لأن كل ما يمكن أن يستفز المروءة والنخوة والرجولة والإنسانية فينا نراه رأي العين كل لحظة، فلماذا لا نغضب؟
مع هذا الجيل المخنث لن نغضب، مع هذا الجيل الفاقد للإحساس المنغمس في مستنقعات الشهوات والرذيلة لن نغضب، مع هذا الجيل الذي يترنّح يمنة ويسرة من وقع الإدمان الذي أسكر العقول والهوى الذي أسكر القلوب لن نغضب، مع هؤلاء الحكام المحكومين اللاهثين خلف عرَض الدنيا لن نغضب، بل سننتظر سنوات أخرى عجاف.. وويل للقلوب الواعية من ضجيج هذي السنين!
لكِ أن تلعنينا يا حلب لأننا أنذال جبناء، ننام ملء جفوننا ونأكل حتى تشبع بطوننا ونتأوه ونحن نردد بكل ما أوتينا من عجز: ما باليد حيلة!!
حسبنا الله ونعم الوكيل!!