لماذا اخترنا الملف؟
كثيرون من يزعجهم التطور الكبير الذي عرفته تركيا في العقد الأخير؛ سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو العسكري أو الديني أيضا.
فقد بات النموذج التركي الذي يزاوج بين الأصالة والمعاصرة يسبب أرقا للأنظمة الغربية عامة والأوروبية على وجه أخص، ولم تكن هذه الأنظمة تخفي تنبأها بانقلاب وشيك في تركيا، انقلاب كان من المتوقع أن يعيد الحبل في عنق تركيا، ويرجع بدولة العثمانيين إلى التبعية الأوربية والأمريكية مرة أخرى.
فأسابيع قليلة قبل الانقلاب الفاشل الذي عرفته تركيا وتحديدا في 30/05/2016 نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا مطولا عن “الانقلاب العسكري التركي القادم” تحدثت فيه عن وقوع انقلاب وشيك في تركيا وهاجمت بقوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويومان فقط قبل محاولة الانقلاب الفاشلة، وتحديداً يوم الأربعاء 13/07/2016، قامت فرنسا بإغلاق سفارتها في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول وألغت احتفالات مقررة يوم 14/07/2016، لما أسمته بـ”دواع أمنية”
تحركات تكشف بجلاء من خطط للانقلاب العسكري في تركيا، ومن سعى إلى قلب نظام ديموقراطي لطالما باركه الغرب من قبل.
إلا أن مخططاتهم الانقلابيين الماكرة تكسرت على جدار الثقة الكبيرة التي يحظى بها رجب طيب أردوغان وحكومته، لا أقل من لدن الشعب التركي فقط، بل من طرف كل الشعوب الإسلامية التي ترصد المواقف المشرفة لأدوغان ومشاريعه الإصلاحية الكبرى.
طبعا هذا الفشل أحزن الغرب كثيرا وأمريكا بالذات، وقد أعربت عن هذا الأسى بكل وضوح وكالة فوكس الأمريكية حين كتبت دون نفاق “آخر أمل لتركيا يموت”!
أكيد أن فشل الانقلاب العسكري اليوم سيعطي حكومة أردوغان فرصة كبيرة لبسط سيطرتها وتوسيع شعبيتها، واتخاذ قرارات حاسمة، وتحقيق إنجازات كبيرة، ما كان لها أن تحققها من قبل.
من أجل كل ذلك؛ فإن “فترة ما بعد محاولة الانقلاب هي فترة “طحن العظام” بين الولايات المتحدة وأتباعها من جانب، وتركيا أردوغان وحزبه من جانب آخر، وسينتج عن ذلك تغيرات استراتيجية خطيرة، منها احتمال أن يتجه أردوغان بتركيا شرقا وشمالا بدلا من الغرب، مما سيكون له تأثر كبير على مسرح السياسة العالمية”.
وحتى ننور الرأي العام حول مستجدات هذا الموضوع والموقف الغربي من الانقلاب وتداعياته ارتأينا فتح هذا الملف.