الأفضل أن يباشر المرء ذبح أضحيته بنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز التوكيل فيها للمسلم القادر، ولا فرق بين الرجل والمرأة.
فذبيحة المرأة تحِل، إجماعا. (نفى الخلاف في المسألة: النووي في المجموع، وقبله ابن حزم في المحلى).
وينبغي للذابح أن يحد شفرته لقوله عليه السلام: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، ولِيُحِدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته». مسلم.
الرفق عند ذبح الأضحية
والرفق بالحيوان مأمور به في ديننا عموما:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال: «أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتتين». (رواه الطبراني وصححه الألباني في الصحيحة 24).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة». (رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني في الصحيحة 27).
وهذا مما يدل على أن المسلمين مستغنون بدينهم عما سواه من الأنظمة والقوانين، فإنه لم يترك خيرا إلا أمر به؛ كالعدل والتكافل والنظام والنظافة والرفق بالحيوان..، وغير ذلك مما فيه مصلحة للفرد والمجتمع، فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
ثم يضجع الأضحية على الجانب الأيسر، مستقبلا بها القبلة، ويضع رجله على الجانب الأيمن، فيمر السكين مسميا مكبرا، ويقول: (اللهم تقبل مني):
عن أنس رضي الله عنه قال: «ضحى النبي صلى عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده». (رواه البخاري 5558).
وعن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش.. فأضجعه وذبحه وقال: «بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد». (رواه مسلم 1967).
والتسمية واجبة لقول الله تعالى: “فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ” الحج.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل». متفق عليه.
فعلق مشروعية الأكل على شرطين:
الأول: إنهار الدم
وهذا الشرط يتحقق بقطع ثلاثة من أربعة أمور؛ فإن في الحلق أربعة أشياء: المريء والحلقوم والوَدجان؛ قال ابن تيمية: “والأقوى أن قطع ثلاثة من الأربعة يبيح، سواء كان فيها الحلقوم أو لم يكن، فإنّ قطْع الودجين أبلغ من قطع الحلقوم وأبلغ في إنهار الدم”. (الاختيارات الفقهية ص323).
ويؤيده ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “كلْ ما أفرى الأوداج، ما لم يكن قرض ناب أو حز ظفر». رواه البيهقي (9/278)، وأورده الألباني في الصحيحة (2029).
والثاني: التسمية
ولا يجوز الأكل منها إذا لم يسم عليها؛ لقول الله تعالى: “وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ” الأنعام، فإذا ترك التسمية ناسيا جاز الأكل كما قال ابن عباس، لعموم قول الله تعالى: “رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا” البقرة.
وأما استقبال القبلة فقد ثبت عن بعض الصحابة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أنه كان يستقبل القبلة في التضحية». رواه مالك في الموطأ (854) بسند صحيح.
قال ابن حجر في شرحه لحديث أنس السابق: وفيه استحباب التكبير مع التسمية، واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن، واتفقوا على أن إضجاعها يكون على الجانب الأيسر”. الفتح (10/22).
ولا يجوز أن يعطي الجزار منها شيئا كأجرة، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه. (رواه البخاري1716).
ويشرع له أن يقسمها على نحو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: «كلوا وادخروا وتصدقوا». (رواه البخاري 5569 ومسلم 1973).
وهذا يدل على وجوب التصدق بشيء منها على الفقراء، وليس فيه دليل على اشتراط الثلث، بل الأمر بالصدقة مطلق.
ومن عجز عن الأضحية ناله أجر المضحين؛ لما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ضحى عمن لم يضح من أمته (رواه أبو داود 2810 وصححه الألباني)، ومثله: حديث أبي هريرة، وهذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم. (انظر: فتح الباري 9/514، وإرواء الغليل 4/354).