عندما تتوفر الأدلة القاطعة على ممارسة أحد الأئمة للنصب والاحتيال، من خلال الاشتغال بالشعوذة، فما الذي على من يصلون خلفه فعله؟ وكيف ينبغي أن تتصرف معه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على وجه التحديد؟
ملف هذا المشعوذ الذي نتحدث عنه، فتحته جمعية سيدي احميدة للتنمية البشرية، عندما رفعت شكاية إلى المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف بسلا في الثالث من يوليوز 2014م. حيث إنها أوضحت فيها وضعية الإمام المشتكى به بكل تفاصيلها. وكان من جملة ما أوضحته، ممارسته للشعوذة وكثرة غيابه عن المسجد. غير أن نواب الجماعة السلالية، ورئيس مجلس المقاطعة الأسبق، سارعوا إلى مقابلة المندوب الإقليمي دفاعا منهم عن الإمام الفاسد المفسد، لوجود علاقة متينة بين الطرفين؟؟؟
ولما لم يستجب المندوب الإقليمي لما في شكاية الجمعية، توجهت جماعة من المواطنين بشكاية إلى المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف بالرباط، على اعتبار أنه رئيس المندوب الإقليمي للوزارة بسلا. وذلك بتاريخ 29 دجنبر 2014م. أي بعد مرور أزيد من خمسة شهور على شكاية الجمعية المذكورة إلى المندوب الإقليمي.
وكانت الخطوة التي أقدم عليها المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف بالرباط، مثيرة للشكوك للأسباب الآتية:
1ـ عين لجنة من عنصرين لتقصي الحقائق. لكنه لم يزودها بالشكاية المرفوعة إليه مع مرفقاتها الست.
2ـ من عينهما مرتبطان أشد الارتباط بالإمام المشعوذ المشتكى به! إنهما صديقاه الحميمان! يستدعيهما إلى الولائم أينما وجدت! فضلا عن كونه يحملهما بسيارته الفارهة ذات الدفع الرباعي التي اشتراها بمبلغ (14 ملون سنتيم)! والحال أن أجرته الشهرية لا تتعدى 1500 درهم؟؟؟
3ـ تم إخباره من طرف لجنة التحقيق قبل أن تحضر إلى عين المكان. وهذا ما استنتجناه من كونه هو الذي أحضرها إلى الدوار بسيارته. ولكن اللجنة لم تخبر المشتكين بأنها سوف تحضر في يوم بعينه؟
4ـ قابلت اللجنة أولا نائبين عن المشتكين. فاندهش النائبان لكون عنصريها لم يحملا معهما نسخة طبق الأصل من الشكاية، ولا نسخا طبق الأصل من مرفقاتها. فكان أن استغربا عدم تمكين المندوب الجهوي لعضوي اللجنة من الوثائق المطلوبة، ولو على الأقل من نسخة الشكاية الأصلية؟؟؟
5ـ وكان أول كلام نطق به عضو اللجنة الأصغر سنا، هو أن المشتكين ظلموا الإمام الذي يتمتع بكل خصال الاستقامة. ولم يجد نائبا المشتكين غير مواجهته بالحجج التي تحمل إمضاء من أدلوا بها. ومن ضمنها شهادة شاب تونسي المولد من أم مغربية متزوجة بتونسي. فقد ورد فيها أن الإمام المشتكى به حضر إلى تونس لمعالجة والده. ثم ادعى أن الدواء يوجد بالمغرب! وأن العملية تتطلب (35 ألف درهم). وأنه سوف يحضر الدواء بعد شهر، لكنه لم يعد بعد أن استفاد من الإقامة المجانية لدى العائلة بتونس لأسبوعين؟؟؟ يعني أنه أخذ المبلغ المذكور بالنصب والاحتيال ثم اختفى؟؟؟
6ـ انتقلت اللجنة إلى المسجد بسيارة الإمام المشتكى به التي كانت محروسة في إحدى الأركان من طرف مقدم الدوار الذي تربطه علاقة قوية بالإمام المشعوذ؟؟
7ـ في المسجد كان نواب الجماعة السلالية ينتظرون وصول اللجنة. مما يعني وجود تواطؤ بينها وبين الإمام ومن معه! ولم يكن من اللجنة بعد الضجيج الذي عم المسجد، غير الارتياح إلى ما قدمه نواب الجماعة السلالية، ومن حضروا للدفاع عن أطروحتهم المنافية لواقع الإمام الفاسد المفسد؟؟؟
8ـ ثم عادت اللجنة إلى نائبي المشتكين لتخبرهما بأن الأمر يتعلق بالأغلبية!!! بينما أوضح لها النائبان بأن الأمر يتعلق بتفنيذ التهم الموجهة ضد الإمام! تمثلت في التي حملتها شكاية جمعية سيدي احميدة للتنمية البشرية، أو تمثلت في التي قدمها المشتكون إلى المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف بالرباط.
9ـ اتضح حتى الآن أن من يملكون الحجج الدامغة على فساد الإمام، يواجههم لفيف ممن يملكون السفسطة والدعم السلطوي؟؟؟
10ـ من يملكون السفسطة والدعم السلطوي هم نواب الجماعة السلالية، ورئيس مجلس المقاطعة الأسبق! وعضوا اللجنة كصديقي المشتكى به! ومقدم القبيلة! مع الإشارة إلى أن الإمام يدعو في الولائم لرئيس مجلس المقاطعة، ويشيد به كبوق سياسي لنشر ما يعد في نظره من خدماته الجلى للمواطنين؟ دون أن ننسى بأن رئيس مجلس المقاطعة حضر بعد حين إلى المجلس العلمي بسلا ليعلن تبرؤه من الإمام المشعوذ؟
11ـ قبل معرفة رد المندوب الجهوي على الشكاية التي جرى التلاعب المتقدم بخصوصها، اتصل المشتكون بالسيد رئيس المجلس العلمي بسلا، فكان أن قام بما عليه القيام به، ووجه نتيجة تحرياته إلى المندوب الجهوي الذي بعث بالملف كله إلى مديرية المساجد. وكان أن انتظر المشتكون القرار النهائي لهذه المديرية بناء على ما توصلت به من توضيحات ومن حجج دامغة.
12ـ أدرك المشتكون ما يمكن أن يصدر عن لجنة التقصي المتكاملة مع المشتكى به، وما يمكن أن يصدر عن المندوب الجهوي نفسه من خلال رأيه في الملف. فقرروا بعد انتظار طويل، أن يرفعوا شكاية مباشرة إلى السيد المسؤول عن مديرية المساجد بالوزارة، فرفعوها بتاريخ 15 شتنبر 2015م. وحظي حاملها باستقبال حار من طرف السيد رئيس المصلحة الذي قام بواجبه بعد مراجعة الملف مراجعة متأنية، وبعد حصوله على توضيحات إضافية شفاهية من حامل الشكاية إليه.
13ـ بعد ما يقرب من شهر ونصف، صدر قرار وزاري بفصل الإمام المشتكى به عن عمله قبل عيد المسيرة الخضراء (6 نوفمبر 2015م) بأقل من أسبوع. فكان أن عين إمام جديد من طرف المندوب الإقليمي بسلا. وكان أن هيأ نواب الجماعة السلالية ومن يليهم أنفسهم لمنع المواطنين من الصلاة خلفه، لكن حضور السلطة المحلية إلى عين المكان حال دون وقوع فوضى عارمة.
14ـ في الجمعة الموالي (13 نوفمبر) حاول نفس النواب منع المواطنين من الصلاة وراء الإمام المعين للمرة الثانية. وكأن هؤلاء النواب لا يدخلون السلطة المحلية في الاعتبار! أي أنهم أعلنوا تحديهم لها!
15ـ لما يئس نواب الجماعة السلالية من الإبقاء على الإمام المعزول، لجأوا إلى خطة، عند تنفيذها سوف يعود نفس الإمام إلى عمله! لقد أملوا عليه عدم إفراغ المسكن التابع للمسجد! والخطة تقضي أن لا يبقى أي إمام في المسجد ما دام لم يتوفر على مسكن. وهكذا تم تعيين أربع أئمة في ظرف سنة!!! تم تعيين السيد حجاجي، ثم غادر لعدم وجود مسكن. ثم عين السيد محمد باطا، والإمام محمد بن عمر، فكان أن غادرا سويا لنفس السبب! ثم عين أخيرا الإمام الحاظي القادم من الناظور.
16ـ وقد وجه المشتكون شكاية إلى السيد المندوب الإقليمي بخصوص المسكن الذي لا يريد الإمام إفراغه -وإنما وجد متعته في احتلاله- كما وجهوا شكاية في الموضوع إلى القائد. إنما بدون جدوى!
17ـ ثم توجه نائب عن المشتكين إلى السيد المندوب الإقليمي الذي أخبره بأنه كتب رسالتين في الموضوع: واحدة موجهة إلى السيد العامل، وأخرى موجهة إلى القائد. فالموجهة إلى السيد العامل، وقعت في يد مسؤول عن مصلحة لها صلة بالأئمة والمساجد. مما يعني أن السيد العامل لم يتسلمها ولا عرف خبرها! أما الموجهة إلى القائد الذي له علاقة متينة بنواب الجماعة السلالية، فلا شك أنه أغفل الرد عليه. فقد قام نائب عن المشتكين بزيارته، وأثار معه موضوع مسكن الإمام الذي رفض إفراغه، فأخبره بأنه على استعداد لحمله على إفراغه متى جاءه القرار الإداري! والحال أن السيد المندوب الإقليمي كاتبه في الموضوع؟ فلا العمالة إذن نفذت طلب مندوب وزارة الأوقاف، ولا القائد نفذه؟
18ـ ونختم هذه المقالة بالملاحظات الآتية:
– أولها ثقل المتدخلين في الدوائر السلطوية لفائدة الإمام المشعوذ الموقوف؟؟؟
– وثانيهما غياب الحس الجماعي لدى المتدخلين لفائدته وإن كانوا يحملون اسم: نواب الجماعة السلالية.
– وثالثها الاستهتار بقرار الوزارة!
– ورابعها كون المشتكى به يتوفر على مسكن بسلا الجديدة عنوانه: إقامة 1 رقم الدار 17. ممر أحمد بن خالد الناصري.
– وخامسها كون هذا الإمام المحتل للمسكن التابع للمسجد، أصبح هو الآمر الناهي لأي إمام جرى تعيينه، إنه يخضعه لأوامره، إلى حد أن أحدهم أخبرنا بقوله: “يقول لي: لا تقدم على أي فعل دون استشارتي”.
وكل الذي أوضحناه -للأسف الشديد- يجري على مرمى العين من عاصمة المملكة. فكيف هو حال ما يجري على بعد مئات الأميال عنها؟ تعلق الأمر بشؤون وزارة الأوقاف؟ أو تعلق بشؤون بقية الوزارات؟