الحياء لغةً مصدر حيي، وهو: تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ، وفي الشّرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال، ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق. ” الموسوعة الفقهية” (18/259).
وعَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: “أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ”. رواه الإمام أحمد في “الزهد” (46)، والبيهقي في “شعب الأيمان” (6/145) والطبراني في “المعجم الكبير” (7738)، وصححه الألباني في “الصحيحة” (741).
قال المناوي رحمه الله:(أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة وأبْين دلالة بأوجز إيجاز، وأوضح بيان، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح، وذوي الهيئات والفضل؛ أن يراه وهو فاعله، والله مطلع على جميع أفعال خلقه، فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه: تجنَّب جميع المعاصي الظاهرة، والباطنة، فيا لها مِن وصية، ما أبلغها، وموعظة ما أجمعها”اهـ. فيض القدير 3/74.
ولذلك قال بعض السلف: خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك !!
قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ: (حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه، ولذلك لا يستحي من الحيوان، ولا من الأطفال، ولا من الذين لا يميزون، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد.
والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: البشر، وهم أكثر من يستحي منه، ثم نفسه، ثم الله تعالى، ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه: فنفْسه عنده أخس من غيره، ومن استحى منها ولم يستح من الله: فلعدم معرفته بالله، فالإنسان يستحيي ممن يعظمه، ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه، فيبكته؛ ومن لا يعرف الله فكيف يعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه؟” (الذريعة إلى مكارم الشريعة289).