الشتاء أحكام وآداب

حق النعم الحمد ومن الحمد الاستنان بسنة المختار عليه أفضل الصلاة والسلام في التأدب بآداب هذا الفصل وهو فصل الشتاء.
وهذه بعض أفعاله وهديه عليه الصلاة والسلام في فصل الشتاء
ما يقال إذا عصفت الريح:
جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، قالت: وإذا تخيلت السماء (يعني تهيأت للمطر) تغير لونه وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سري عنه، فعرفت ذلك عائشة فسألته، فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}.
ما يقال عند سماع الرعد:
عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
ما يقال عند نزول المطر:
جاء في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى مطراً قال: (اللهم صيباً نافعاً).
وكان صلى الله عليه وسلم يحسر عن ثوبه حتى يصيبه المطر بشرته الشريفة فلما سئل لم صنع هذا ؟قال: (لأنه حديث عهد بربه).
ومن تلكم الآداب الإكثار من الدعاء: ففي حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول المطر) انظر السلسلة الصحيحة برقم(1469).
ويستحب حمد الله بقول: (مطرنا بفضل الله ورحمته) فقد جاء في الصحيحين من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب).
الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء:
جاء في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، ولما سئل لماذا صنع هذا قال: أراد أن لا يحرج أمته ومن هذا الحديث يستنبط عدة فوائد:
الفائدة الأولى: أنه يشرع عند نزول المطر الذي يبل الثياب وتحصل به المشقة والحرج أن يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
الفائدة الثانية: ألحق العلماء بالمطر كل ما كان فيه مشقة مثل الريح الشديدة والبرد الشديد مع الريح، ووجود الوحل والطين وإن لم ينزل المطر والسيول التي قد يتضرر الإنسان أثناء ذهابه وإيابه للمسجد وهذا من رحمة الله بالأمة. فقد جاء في البخاري من حديث مالك عن نافع قال: أن ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: ألا صلوا في الرحال.
الفائدة الثالثة: يلحق به من كان له عذر من مرض ونحوه ومن كان خائفاً من عدو ونحوه.
الفائدة الرابعة: لا يشرع للمرأة الجمع بين الصلاتين في حال المطر لأن حضور الجماعة لا يلزمها، لكن يشرع لها الجمع لأعذار أخرى كالسفر والمرض والاستحاضة ونحوها.
الفائدة الخامسة: أنه يجوز أن يكون الجمع للمطر والأعذار الأخرى جمع تقديم أو تأخير ويفعل كل أهل جماعة مسجد بالأرفق بهم، فإن أرادوا أن يجمعوا العشاء ويقدموها مع المغرب فلا حرج وإن أرادوا تأخير المغرب إلى وقت العشاء فلاحرج، فإنه متى جاز الجمع صار وقت كل صلاة وقتاً للأخرى.
الفائدة السادسة: أنه يجوز له الجمع بين الصلاتين عند نزول المطر أو أي عذر ولو لم ينو ذلك في الصلاة الأولى مثاله: لو صلى إمام المغرب ثم نزل المطر بعد سلامه من الصلاة جاز له أن يقيم ويصلي العشاء ولو لم ينو الجمع قبل صلاة المغرب على الصحيح من أقوال أهل العلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *