هي الدنيا الفاتنة لعبد الرزاق الصادقي

فتاة جميلة حسناء،يسيل في خدها ماء الجمال الفاتن، وينبعث من عينيها الزرقاوين شعاع الحسن المغري، راود فؤادها شيطان الحسن الذاهب بالأبصار،فقررت ألا تلفي من البشر أحدا إلا جعلته أسير هواها، ما إن يلق بناظريه نحوها حتى يعرض عمن سواها، وبالفعل ما إن أطلت على الوجود، حتى كادت شمس جمالها أن تحجب نور الشمس الملقي بأثوابه على جسم النهار الممدد، وإذا بأول الناظرين إليها يركب جناحي فؤاده متجها نحوها، رمقته من بعيد، فتوقفت قليلا، وجعلت تقترب منه شيئا فشيئا كأن الشوق يدفعها إليه، ولما وقف أمامها لم تنبس ببنت شفة،لكنها أبرمت معه وعدا يكون مآله إلى لقاء، ثم واصلت المسير علها أن تظفر بمعجب آخر من أسارى الهوى، وإذا بعينيها الفاتنتين تبصران من بعيد عاشقا آخر، يسيل من عينيه ماء الصبابة اللامع، فنادته من بعيد، أن أسرع واقترب، ولما دنا منها إذا بها تعده وتمنيه بهدية اليوم الموعود، دون أن تحادثه ولو بكلمة، وهكذا تعودت الفاتنة أن تبرم الوعود مع كل من تراه حتى تأكدت أنها لم تترك من بني آدم إنسيا.
ولما حل اليوم الموعود، حضر جميع المعجبين، وكلهم يقول حسنائي حسنائي لا أريد سواها، وبينما هم ينتظرون بكل شغف، إذا بها تلوح لهم من بعيد كما يلوح السراب للظمآن، فأسرعوا نحوها كأسراب الطيور الهاربة من وهج الحريق، لكن الفاتنة انقلبت على عقبيها لائذة بالفرار، جعل عشاقها ينادونها أين وعودك الكاذبة؟ ردت الفاتنة: أيكم يصل إلي فأنا جائزته،سارعوا إليها يطلبونها في كل سبيل، ولم يزالوا يسيرون إليها زرافات ووحدانا حتى باغتهم أسد الحِمام وهم جامحون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *