سخر له ملائكته:
من أجل وأجمل صور التكريم الرباني للإنسان، أنه سبحانه بعد أن أسجد ملائكته لآدم عليه السلام تكريما وتعظيما واحتراما، سخرهم وكلفهم بمهام جليلة يقومون بها لصالح بني آدم، ومن ذلك ما يلي:
أ- حراسة الملائكة لبني آدم:
وهؤلاء الملائكة الكرام يسمون بالحفظة لأنهم يحفظون ويحرسون بني آدم من كل شر وضر، إلا ما كان مقدرا عليهم، فمصيبهم. قال الله تعالى: “سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ بالليل وسارب بالنهار، له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله “[الرعد10ـ11].
وقال: ” وهو القاهر فوق عباده، ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموتُ توفته رُسُلنا وهم لا يفرطون” [الأنعام61].
قال ابن كثير في تفسيره الآيتين المتقدمتين من سورة الرعد: أي: للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرسٌ بالليل وحرس بالنهار يحفظونه من الأسواء والحادثات…
وقال عكرمة عن ابن عباس: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدرُ الله خلوا عنه.
وقال مجاهد: ما من عبد إلا له ملكٌ موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام. فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له الملك: وراءك، إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه وقال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ذلك ملك من ملوك الدنيا له حرس من دونه حرس… وقال عكرمة:هؤلاء الأمراء المواكب من بين يديه ومن خلفه.
وقال الضحاك في الآية: هو السلطان المحروس من أمر الله…
قال ابن كثير: والظاهر والله أعلم أن مراد ابن عباس وعكرمة والضحاك بهذا أن حرس الملائكة للعبد يشبه حرس هؤلاء لملوكهم وأمرائهم…
وقال قتادة: وفي بعض القراءات [يحفظونه بأمر الله]… وقال أبومجلز: جاء رجل من مراد إلى علي رضي الله عنه وهو يصلي فقال: احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يُقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، إن الأجل جُنة حصينة”… [تفسير القرآن العظيم،4/252ـ253].
تنبيه الإنسان وتذكيره بالخير والصلاح
فقد أخبر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى وكل بابن آدم ملكا يذكره بالخير ويرشده، في مقابل ما يأمره به قرينه الجني من الشر والفساد.
ففي سنن الترمذي والنسائي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمةُ الشيطان فإيعادٌ بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد من ذلك شيئا فليعلم أنه من الله، وليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ (الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)”.