لقد سبق وكتبنا مقالا حول عملية استخدام العاملات المغربيات في الضيعات الإسبانية لجني الفراولة، وهو المشروع الذي ترى وزارة التشغيل أنها قد حققت من ورائه فرص عمل لآلاف البيوت المغربية..، ومما ذكرنا في ذلك المقال:
“إن ترحيل هؤلاء النسوة واستثمارهن في مثل هذه الأعمال هو مخالف لما ينبغي أن تتمتع به النساء من العيش الحسن، ومن العيش تحت دفء غطاء الأسرة”
“وإلا من يحمي هؤلاء النسوة من ذئاب البشر في جو الغربة عن البيت والمحرم والدولة المسلمة؟”
“أليس هذا فتح لباب من أبواب إيقاع المجتمع المسلم في براثن الرذيلة؟!”
ومما استدللنا به على هذه المخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة ليس معها ذو حرمة” رواه البخاري ومسلم.
ولعل البعض ممن يقف على هذا الكلام وليس لديه فهْمٌ سليم لأحكام القرآن والسنة يتبادر إلى ذهنه أنه ضرب من التشدد والتطرف والرجعية والظلامية -وغيرها من ألفاظ قاموس القدح العلماني الذي ألفه المستشرقون وقرظه المستغربون-، لأنه لا ينطلق على حد زعم هذه الفئة من فهم للواقع الاجتماعي المتأزم، مع الجهل بالمجتمعات الغربية التي أصبحت تحترم حقوق المرأة، ثم عدم إدراك أن العالم أصبح قرية واحدة حتى نمنع المرأة من السفر دون محرم..
وها هو الواقع اليوم يظهر سلبيات هذا السفر، فمن تعبيد وازدراء للنساء أثناء العمل إلى عدم توفير الشروط الصحية والسكنية الضرورية للعاملات، والأخطر من ذلك تحول بعض الوحدات السكنية التي تقطن بها العاملات إلى وكر للدعارة من طرف عاهرات تركن أزواجهن أو مطلقات أو أرامل لا يحترمن مشاعر اللواتي يسكن معهن في الغرفة نفسها -فيمارسن السحاق-، وهو ما عبرت عنه إحدى المستفيدات بقولها: “كيف أن امرأة تركت زوجها لمدة تتجاوز الشهر، ومع ذلك تصون عرضها، ثم تجد نفسها تعيش لحظات حرجة ومستفزة جراء سماعها آهات الممارسة الجنسية، تحت أو فوق سريرها!”.
كما أن العديد من هؤلاء النسوة تعرضن لاعتداءات جنسية، وهو ما أكده “فرانسيسكو كروز بيلتران” أستاذ علم الاجتماع بجامعة “ويلبا” الاسبانية عندما سئل عن ذلك بقوله: “إذا كانت هناك حالات من الاعتداء الجنسي من قبل بعض أرباب المقاولات، فإنها ستكون لا محالة حالات منعزلة”، وسدا لذريعة الوقوع في أوحال الرذيلة منع ديننا الحنيف مثل هذا السفر.
ثم أليس الدافع الحقيقي عند المقاولات الإسبانية في استخدام النساء هو الاستغلال؟
وهل تهون كرامة وعفاف المغربيات عند رجال الدولة لأجل جلب العملة الصعبة؟
ثم لماذا آلاف الشباب يتسكع في الشوارع، والحكومة المغربية تبحث للنساء عن عمل؟
وقديما قيل: “الحرة إذا جاعت لا تأكل بثدييها” كناية عن الزنا.