إن العمل الإعلامي الجاد والبناء القائم على التثبت في أخباره الرصين في مصادره هو الوسيلة الناجعة والمؤثرة في زمن تطور الإعلام الذي أضحى جله مغشوشا من خلال مواده المسمومة ذات الطابع الإشاعي بشتى أشكاله وصوره.
ومن أوضح البراهين على ذلك أن بعض الجرائد الإلكترونية لا تقدم سوى أخبار الفن الهابط، وأكشن الجرائم، وتتبع العورات ونشرها، وبث الفضائح اللاأخلاقية والمقاطع الهادمة لأصل الحياء على أسطح صفحاتهم الكاسدة وكأنها سلع منتهية الصلاحية تعرض في أسواق استهلاكية علنية يتفكه بها من لا خلاق لهم لوأد ما تبقى من غيرة وفضيلة.
إذا؛ نحن بحاجة إلى إعلام أخلاقي كالإعلام الإسلامي الهادف الذي هو فن إيصال دعوة الهدى والحق والخير إلى العالميين أجمعين، بالضوابط الشرعية وهو إعلام مبني على الحق والصدق مع التحلي بالعدل والإنصاف والأمانة.
وياليت شعري ألا يعلم المشرفون على هذه الجرائد أن الإعلام بجميع أنواعه الفضائية والمقروءة والمسموعة والإلكترونية، الشريك الأول للمجتمعات بكل فئاتها وأنواعها، والذي يفترض فيه أن يمارس دورا توعويا وتثقيفيا وإرشاديا يتضمن النقد الهادف والموضوعي، لا اللغو والعبث و(البسالة الحامضة والإثارة الخاوية)، لأن الإعلام الهادف لا يستهدف الأشخاص والانتقاص من أقدارهم أو الإساءة إليهم تصريحاً أو تلويحاً، فالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تتجلى في ضمير كل إعلامي مخلص صادق لا ينشد إلا الحق بدليله، ويسمو بنفسه عن كلمة السوء وتبعاتها في الدين والدنيا.
فحرية الرأي المنضبطة والمسؤولة التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام محل اعتبار وتقدير عند أولي الحصافة والعقل والرأي، لكن ومع الأسف وأقولها بكل صراحة ووضوح أن إعلامنا لم يرق بعد إلى مستوى الحدث والمهمة الملقاة على عاتقه، لأن بعض القائمين عليه لم يقدروه حق قدره إما لجهلهم، وإما لحاجة في نفوسهم، وإما أن مواقع أسندت إليهم بالمحسوبية والزبونية وبينهم وبين تقدير المسؤولية الخير والإحسان، وإما لتنفيذ أجندات مرسومة الأهداف سلفا..
مع الإشارة أن النظام الأساسي لميثاق الصحافة -في حدود علمي- قد ألزم وسائل الإعلام والنشر، بقوانين منظمة ومنها المساهمة في تثقيف القراء ودعم اللحمة الوطنية والوحدة الترابية، وحظر كل ما يؤدي إلى الفتنة أو الفوضى أو الانقسام، أو يمس بأمن المملكة وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه..
فأين بعض الإعلاميين من هذه المواثيق؟!
وبالمناسبة ومادام الحديث عن الإعلام كم نحن بحاجة إلى قناة تعنى بالدفاع عن دين المغاربة عقيدة ومنهجا وسلوكا، وبيان أباطيل التشيع المذهبي وخزعبلاته الذي بدأ يمخر عباب المضيق لينخر في عقيدة المغاربة، وكشف دجل المعممين وتغريرهم بالناس تحت عباءة محبة آل البيت الذي هم منهم براء؟؟
ولا يقتصر دور القناة على الجانب الديني فحسب بل تكشف أيضا برنامجهم السياسي الموجه ودجل الملالي وزيف النظام الإيراني وتفضح طائفيته وسياسته التوسعية والعدوانية في سوريا والعراق واليمن والبحرين، وظلمه لأهل السنة في إيران واضطهاده لهم وغمطه لحقوقهم..
نعم قد يخالفني معظمكم في طرحي إنشاء قناة، وهذا من حقكم، خصوصا إذا علمنا أن بعض المنابر الإعلامية الحرة وهذا مما يؤسف له كانت تعاني ولحد كتابة هذه السطور من نقص في الدعم والتمويل وكادت تتعثر، بل أشرفت على الإغلاق أكثر من مرة حتى آل الأمر إلى الإغلاق المؤقت، وبعضها قلص من مدة البث إلى ساعتين في اليوم، وبعضها إلى الإغلاق النهائي قبل أيام لعجزها عن سداد نفقات البث على الأقمار الصناعية.
لهذا أقبل مخالفتكم وإن كان الإغلاق يحزّ في نفس كل غيور وهو مؤشر على ما وصلت إليه الأمة من واقع مرير، فمع الحجم الهائل للتحديات التي يواجهها أهل السنة والجماعة، وتغول المخطط الصفوي المجوسي، والتحالف الصفوي العلني المفضوح ضد أهل السنة والجماعة وهم جمهور الأمة الإسلامية، ومع الحاجة الماسّة إلى الإعلام الهادف والفاعل الذي يقف بوجه هذا التحدي الخطير، تُغلق منابر بسبب العجز المالي في الوقت الذي تهدَر فيه الأموال على قضايا تافهة “كالألعاب النارية عند بداية الاحتفال باستقبال السنة الميلادية الجديدة”.
وهذا مجرد مثال واحد، بل تُنفق الأموال الطائلة على أمور ليست من أولويات الأمة، ولا تخصص ميزانية لقناة هادفة ولها دورها الرائد في مجالات شتى، وهي لا تكاد تكلف شيئا معتدا به عند أباطرة الثراء المالي في مغربنا إن لم تتكفل بها جهة رسمية في الدولة.
إنه لعار حقاً على أمة تعيش هذا الواقع المشين ولا تتململ لمواجهة المد الصفوي المجوسي من هذا المنبر وأمام كل هذه التحديات الوطنية، أدعوا إلى إعلام داعم يؤثر إيجاباً في النقد الهادف والبناء وليس الهدم، كما أدعوا من وسع الله عليه ذوي الأقلام والإعلام إلى التحلي بالوعي والارتقاء إلى مستوى ما تتطلبه المسؤولية في مواجهة ما يهدد الكيان وهوية الوطن..
حفظ الله وطننا المغرب من كيد الروافض المجوس وكل عابث ماكر مخادع.