“أولايلاه” كلمة كثيرة الاستعمال في منطقتنا “جبالة” شمال غرب البلاد؛ تستعمل بكثرة حين الغضب أو الاستغراب أو نزول فاجعة، أما عن معناها فحاولت البحث والتقصي.
للوهلة الأولى يجدها الإنسان كلمة عادية؛ إلا أنه بعد التعمق فيها والبحث المفصل تجد أن فيها من الشرك ما الله به عليم، لذا وجب التحذير والتنبيه.
حتى أني سمعت بعض طلبة العلم الشرعي عندنا في “جبالة” يرددون هذه الكلمة دون انتباه إلى خطورتها من الجانب العقدي/الشرعي، وقد وجدت من خلال بحثي أنها -أي لفظة: آولايلاه- مكونة من ثلاث كلمات:
الأولى: (أ) وهو اسم نداء يستعمل غالبا للقريب.
والثانية: (ولاي) وهي قريبة لكلمة (ولي أو أولياء).
والثالثة: (لاه) ويقصد بها إسم الجلالة {الله} جل وعلا… ليكون معناها بالعربية: (أ ولي الله) أو (أ أولياء الله).
وهي قريبة من لفظة (أمولاي عبسلام) -بالعامية-؛ إلا أن الأخيرة أشد وضوحا وأكثر دلالة على التوسل بالموتى ودعاؤهم.
فإن افترضنا أن معنى الكلمة هو (أ ولي الله)؛ فغالبا المقصود به هو (مولاي عبد السلام بن مشيش)؛ نظرا لمكانته بين القبائل الجبلية ونسبه وعلمه وجهاده ضد حملة الردة التي قادها أبو الطواجين السعيدي الذي ادعى النبوة.
والذي حسب المعتقدات الجبلية المحلية أن زيارة مقام (مولاي عبسلام) مرة واحدة تعدل عمرة! و زيارته سبع مرات تعدل حجة كاملة!
ويسمون زيارته بالحج الأصغر؛ وهنا أفتح قوسا لأقول أن الشيخ عبد السلام بن مشيش رحمه الله لم يكن على الشرك البواح الذي عليه جل أتباعه اليوم؛ إنما كان تصوفه معتدلا أقرب لتصوف السالك الجنيد وعبد القادر الجيلاني؛ أما الآن ففي ذكرى المولد النبوي يحج إليه العوام وهناك يقع الذبح لغير الله ودعاء الموتى والصلاة إلى قبره؛ بل وحسب ما روى لي بعض الشهود أنه يقع شرب الخمر والزنا في ذاك الموسم والعياذ بالله، فيكون أشبه بموسم للعثور على الأخذان.
بل وحتى الصلاة المشيشية التي تنسب له لم يثبت أنه صاحبها؛ إنما أغلب الظن كتبها من جاء بعده.
وإن كان أصل الكلمة (أأولياء الله} فيمكن يكون المقصود (الأولياء السبعة) أو كما يسمون بسبعة رجال، وهم من أشراف المغرب وبينهم شماليون من جبالة؛ كأبي العباس السبتي والقاضي عياض الذي عاش فترة طويلة في الشمال وتنقل بين غرناطة المحتلة وسبتة السليبة.
ويمكن أن يكون المقصود أيضا توسل بالأولياء والصالحين الموتى على العموم، أو توسل كل قبيلة بأوليائها. حيث تنتشر قبور الأولياء في “جبالة” كالفطر فلا يكاد يخلو مدشر (والمدشر:القرية باللكنة الجبلية أو الدوار كما ينطق في وسط المغرب) من ضريح أو كرمة كان يجلس إليها (السيد الصالح).