تعرض في الشهر الأخير مسجد السودان بحي تابريكت بمدينة سلا لهدم زيادة تابعة لفضائه الخارجي قام ببنائها المسئولون عليه، لكون المسجد أمسى ومنذ زمن طويل يضيق بالمصلين الذين يضطرون إلى الصلاة خارجه، لكن السلطات المحلية وكذا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لم يعيرا اهتماما لحاجيات المصلين ومعاناتهم لسنوات طويلة من برد الشتاء وحر الصيف، وأصرا على تنفيذ القانون المادي الجامد، فقامت بهدم تلك الزيادة رغم قيام المسئولين على المسجد بطلب رخصة لبناء هذه الزيادة الضرورية والتي كان مصيرها الإهمال، ليفاجأ المصلون بأعوان السلطة وهم يهدمونها.
نفس الأمر يهدد مسجد النور بحي شعالة بمدينة الناظور الذي أمر قائد المقاطعة التابعة له الناس وأنذرهم وهو يشير إلى أثاث المسجد قائلا: “ماذا تنتظرون؟ اخلعوا الأبواب والنوافذ، قسموا ووزعوا الأثاث والزرابي بين الناس”، ويشار إلى أن هذا الهدم الذي سيطال المسجد سببه طمع جهات معينة في الاستفادة من أراض شاسعة، يحول وجود المسجد دون استغلالها. ولعل الهدم قد طال الكثير من المساجد في ربوع بلدنا خصوصا بعد أحداث الدار البيضاء بحجة أن هذه المساجد تفرخ المتطرفين، أو ليست تابعة لوزارة الأوقاف التي تخلت منذ زمن عن بناء المساجد إلا أحيانا واكتفت ببيع وتفويت أوقاف المسلمين، حتى صرنا نرى أغلب مساجد الأحياء عبارة عن أقبية عمارات حديثة، يصلي فيها المسلمون وأصوات المياه الحارة في قنوات التصريف فوق رؤوسهم تختلط بقراءة الإمام أو تكدر سكون وطمأنينة الصلاة السرية.. فأين كانت وزارة الأوقاف عند وضع تصاميم التجزئات؟ ولماذا تنزع الملكيات الخاصة لبناء دور الشباب التي لا تهتم إلا بالرقص والموسيقى ويعم فيها الاختلاط والتهاتك، بينما لا اهتمام عند الوزارة الوصية على تأمين أماكن الصلاة للمسلمين؟ هل كان من اللازم أن ننتظر كوارث الدار البيضاء حتى تتحرك الوزارة لبناء بعض المساجد درا للرماد في العيون؟
هذا وفي المقابل نرى بيع الخمور قد انتشر في كل مكان وبشكل مخيف، في تواطئ مكشوف بين مروجيها والجهات الأمنية وهذا ما يتضح بين الفينة والأخرى في حالات مثل قضية اللوطي بطل حفل الشواذ بمدينة القصر الكبير الذي راكم ثروة من ترويجه للخمور منذ سنوات طويلة حتى افتضح أمره في قضية الحفل.
ولقد بلغ انتشار الخمر وتعاطيها مستوى صارت تباع للمسلمين جهارا نهارا في المحلات التجارية الممتازة وبترخيص رسمي من طرف الدولة، دون تمييز بين مسلم وكافر، كما ينص على ذلك القانون الأعمى الذي يمنع بيعها للمسلمين، والذي أصبح مجرد ذريعة لترويجها بين أبناء المسلمين إذ لا يخفى على أحد أن المغاربة هم من يستهلك ما تنتجه شركة “براسري” من أصناف خمر الجعة، وما تصنعه شركات زنيبر في مكناس من آلاف الليترات من النبيذ فليس لها مستقر إلا في جوف المسلمين، لتترجم بعد ذلك إلى أرقام مفزعة تعبر عن عدد القتلى بسبب الخمور وعدد حالات الاغتصاب وحوادث السير.
وحتى لا يبقى جوف مسلم لا يصله الخمر تعمد المحلات التجارية الممتازة كمرجان إلى بيع شكولاتة ممزوجة بالكحول، ورغم إشارة هاته المحلات إلى ذلك فإن الأمر لا يرفع المسؤولية عن الجهات المعنية بحماية المستهلك لكون الأمية بإجماع الكل تتفشى بين المغاربة بصورة لا تكفي معها عبارة: “شكولاتة ممزوجة بالكحول”.
فأين وزارة الداخلية المسئولة عن أمن المستهلكين والمواطنين؟
وأين وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية من هذه المخالفات الشرعية؟
وأين المجلس العلمي الأعلى؟
وأين رجال الحسبة؟
وإذا كان انتشار شرب الخمر وبيعها والشذوذ الجنسي والزنا والدعارة والعري والفساد لا يحرك هذه الجهات لاتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية هوية المغرب الدينية، فربما سيعرف المغرب في الزمن القريب نظاما أخلاقيا جديدا يطبِّع مع هذه الظواهر على غرار دول الغرب العلمانية.
وهل الساهرون على تطبيق “القانون” المغربي يهدمون المساجد؟ بينما يسكتون عن بيع الخمور لأبناء المسلمين؟