بين زواج القاصرات وزنا القاصرات.. غاب العقل والمنطق نبيل غزال

 

خلال شهر يناير المنصرم سجل حدثان بارزان لهما متعلق بالمرأة والأسرة، الأول خارج المغرب والثاني داخله.

حيث اعتمد “مجلس الشيوخ الفرنسي” بالإجماع في 20 يناير 2021، مشروع قانون يجرم ممارسة الجنس مع القاصرين الذي هم دون 13 سنة، حتى وإن كان ذلك بالتراضي بين الطرفين. ما يعني أن الفتاة التي بلغت 13 سنة من حقها، ومن أول يوم، ربط علاقة جنسية مع أي طرف ترتضيه.

والحدث الثاني الذي له متعلق بالمغرب، هو تقدم فاطمة الزهراء برصات، النائبة البرلمانية عن PPS، بمقترح قانون بمنع الاستثناءات المتضمنة في مدونة الأسرة والتي تسمح بتزويج القاصرات، بدعوى أن القاضي المخول له إعطاء الإذن بزواج القاصر، طبقا للسلطة التقديرية التي يمنحها له الفصل 20 من مدونة الأسرة، لم يوظف مواد المدونة بالشكل المطلوب، حيث كشفت الإحصاءات الرسمية لوزارة العدل عن قبول أزيد من 25 ألف طلب لتزويج قاصر من أصل 32 ألف سنة 2018، كما استجاب القضاء لـ85%من طلبات الإذن بزواج القاصرات، بين سنتي 2011 و 2018″.

ما يجمع بين الحدثين هو وحدة مرجعية من يخوضون معركة ضد زواج القاصر، وعلى الطرف الآخر يناضلون من أجل تمتيعها بحريتها الجنسية في إطار التراضي!

فقناعة المناضلين الذين يرفعون هذه المطالب لا الجغرافيا لها، فما يرفع هنا في المغرب ستجده في باقي دول المغرب العربي-الأمازيغي والشام والحجاز وآسيا وإفريقيا.. لأن المحرك واحد وهو القناعة العلمانية.

هذه القناعة التي لها نظرة مخالفة تماما لنظرة الإسلام في تصريف الشهوة وتكوين الأسرة والعلاقة بين الجنسين، وهذا موضوع قتل بحثا، ولا يعنينا كثيرا في هذا العمود.

لكن يبقى السؤال الأهم هو هل المغرب في حاجة اليوم إلى التضييق على “زواج القاصرات”؟ وما السبب الذي يدفع كثيرا من الأسر المغربية إلى تزويج فتيات صغيرات؟

أغلب حالات زواج القاصرات تقع في العالم القروي، حيث تخفف الضغوط الاجتماعية والتكاليف المالية، وما أن يصل الشاب إلى سن البلوغ حتى يبحث له عن شريك في الحلال، ليجد السكن من جهة، ومن يعينه على الأعباء والأشغال الكثيرة في البادية من جهة أخرى، ويصل الأمر في بعض القرى ألا يجد الشاب شريكة حياته، فيبحث عنها في مدشر أو دوار أو قرية مجاورة.

ثم هب جدلا أن شابا وقع مغرما بفتاة في السابعة عشر من عمرها، بأي حق نمنعهما من الزواج، وقد توفرت فيهما كل شروط الأخرى، لماذا ندفعهما إلى الوقوع في الحرام، ونضيق عليهما سبل الحلال، وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول “لم ير للمتحابين مثل النكاح”.

ثم هل زواج القاصرات هو الذي يجب أن تشن عليه الحرب، وتقام عليه كل هذه الضجة، أم زنا القاصرات، فكم من شبكة دعارة قاصرات تم تفكيكها، خلال السنة المنصرمة فقط، في كل من مراكش والدار البيضاء وأكادير وغيرها؟ وكم من فضيحة استغلال قاصرات تطالعنا بها يوميا وسائل الإعلام الوطنية والدولية، ولم نسمع صوتا للجمعيات ولا المناضلات الغيورات جدا عن المرأة وكرامتها وحريتها؟!

للمعلومة فقط فقد كشف تقرير سابق للمنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا، أن السن الذي تبدأ فيه بعض الفتيات امتهان الدعارة في المغرب هو ست سنوات!!

أظن أن المغرب بحاجة ماسة للمخلصين من أبنائه، الذين ينحتون في الصخر من أجل إصلاح الوضع المختل للمجتمع، لا من يتاجرون بمآسيه سياسيا أو حقوقيا وأخلاقيا لأهداف نعلمها جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *