تصريحات شباط وحرب البلاغات مصطفى الحسناوي

نقطتان حارقتان جرتا على الأمين العام لحزب الاستقلال، الويلات والانتقادات، وأشعلتا حرب بلاغات لم تزدها الساعات المتتاليات إلا اشتعالا، في كلمته يوم السبت 24 دجنبر، خلال المجلس العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هما:
أولا: الحديث عن أن موريتانيا كانت جزءا من المغرب.
ثانيا: الحديث عن دور القصر في تشكيل الحكومة وعرقلتها، ضاربا المثال بحكومة 2012.
لقد بدا أن شباط، يؤسس لخطاب يمتح من الاعتزاز بالهوية والتاريخ المشرق المشرف، خطابا ممزوجا بنفس معارض رافض للتعليمات والتوجيهات والإملاءات والضغوطات، وهو بهذا الخطاب يحاول فك عزلة وحصار سياسي مضروب، ونفض الغبار عن مرجعية خبَت أو تاهت.
القائمون على الشأن ومن لهم مآرب أخرى، اقتنصوا العبارتين أو النقطتين الحارقتين، فبدأت عملية الضرب تحت الحزام بأدوات عدة وآليات متنوعة.
فبعد كلمة شباط تلك، جاء البلاغ الذي أصدره حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، ثم جاء بلاغ وزارة الخارجية شديد اللهجة، حيث وصف تصريحات شباط بغير المسؤولة وغير الناضجة والجاهلة التي تخدم أجندات البوليزاريو.
ثم أعقبه في نفس اليوم الإثنين 26 دجنبر، بلاغ اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، الذي رد بلهجة أشد، على وزارة الخارجية، رافضا أن تعطيه دروسا في الوطنية.
حزب التجمع الوطني للأحرار خرج ببيان يرد على شباط، باعتبار وزير الخارجية كان أمينا عاما للحزب فيما مضى، لكن وهذا هو الأهم، لأن الحزب يريد إزاحة شباط من المشاركة في الحكومة المقبلة، ويشترط إبعاده للمشاركة في أي مشاورات، وهو ما عبر عنه أخنوش صراحة في اللقاء الأخير مع بنكيران.
حزب الحركة الشعبية، الذي يربط مصيره بمصير الأحرار إلى حد ما، سارع هو الآخر لإصدار بلاغ جاء فيه: “تابعت الحركة الشعبية باستغراب كبير التصريحات الأخيرة لمسؤول سياسي مغربي اتجاه الجارة والشقيقة، الجمهورية الاسلامية الموريتانية عضوة اتحاد المغرب الكبير. وهي تصريحات بدون جدوى ما دامت تفتقد لحقيقة تقييم الجهود الرامية إلى تثبيت الروابط الأخوية التي تجمع بلدنا بالقارة الافريقية وكذا المشاركة الحقيقية في تنميتها” وأضاف البلاغ “.
كما تؤكد الحركة الشعبية أن هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون فرصة سانحة لأعداء الوحدة الترابية للمغرب وللأجندات المناوئة لرجوع بلدنا إلى مكانه الطبيعي داخل الاتحاد الافريقي”.
وبخلاف بلاغ عباس الفاسي الأمين العام السابق، الصادر الثلاثاء 27 دجنبر، والذي اختار الحزب ألا يرد عليه، وفضل شباط الانحناء لعاصفته. وهو البلاغ الخطير الذي كذب تصريحات حميد شباط، حول تدخل المستشار الملكي فؤاد علي الهمة، في استوزار أسماء استقلالية بعينها، في حكومة ابن كيران الأولى.
حيث اعتبر عباس الفاسي، أن ما جاء على لسان حميد شباط، حول ظروف تشكيل الحكومة عام 2012 زائف، ومجانب للصواب، ولن يمس مطلقا بمصداقية كل من السيدين عباس الفاسي، وفؤاد عالي الهمة، والمرحومة زليخة نصري، ردا على قول شباط: أنهما سلما عباس الفاسي لائحة باسم وزراء الاستقلال.
وقد اكتفى عادل بنحمزة الناطق الرسمي باسم الحزب بتدوينة على الفايسبوك قال فيها :”حزب الاستقلال لن يرد على أمينه العام السابق الأستاذ عباس الفاسي”. بخلاف ذلك رد الحزب على بلاغ توفيق حجيرة رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال، ردا صارما.
وكان توفيق حجيرة قد عمم بلاغا، نشرته وسائل الإعلام جاء فيه “كرئيس للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، ثاني مؤسسة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب، أود أن أعلن أنني سقطت في سوء تقدير لخطورة تصريح الأمين العام على علاقاتنا المتينة والدائمة التي ربطتنا دائما مع الشقيقة موريتانيا، وعلى مضاعفات تصريح الأمين العام لحزب الاستقلال المتعلق بهذا الموضوع علاقة بمجهودات المملكة المغربية على المستوى الجهوي والقاري والتي كانت دائما تقوم على حسن الجوار والتعاون والتضامن”.
حزب الاستقلال فضل الرد على حجيرة، بخلاف موقفه من بلاغ عباس الفاسي، وأصدر بلاغا الأربعاء 28 دجنبر، أهم ما جاء فيه:
1- إن السيد توفيق احجيرة عندما يحضر إجتماعات اللجنة التنفيذية، فإنه يحضر بصفته عضوا فيها وليس بصفته رئيسا للمجلس الوطني للحزب.
2- أن السيد احجيرة توفيق ساهم في صياغة بلاغ اللجنة التنفيذية وفي النقاش الذي شهدته طيلة ساعات من يوم الإثنين الماضي.
3- ليس له الحق مطلقا للحديث باسم مؤسسة المجلس الوطني.
حزب التقدم والاشتراكية، في بلاغ له يوم الثلاثاء 27 دجنبر، تحاشى ذكر شباط ولم يعبر عن أي تضامن معه، أو دفاع عنه، واكتفى بالحديث عن العلاقات المتينة والمتميزة بين المغرب وموريطانيا، مشيرا للمكالمة الهاتفية بين قائدي البلدين.
ثم أصدر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب وهو مؤسسة موازية للحزب، الأربعاء 28 دجنبر، بلاغا ندد فيه ببلاغ وزارة الخارجية ووصفه بأنه يخدم أجندة داخلية مشبوهة تبتغي النيل من الأحزاب الوطنية، وكانت شبيبة الحزب أصدرت بلاغا الثلاثاء، حمل نفس المضامين تقريبا.
الخميس 29 دجنبر ستصدر عريضة للإطاحة بشباط، يتزعمها كل من امحمد بوستة وعباس الفاسي، موقعة من طرف 38 من قيادات الحزب. قالوا أن شباط غير مؤهل وغير قادر على مواصلة تحمل المسؤولية، وعلق بنحمزة في تصريح إعلامي، أن العريضة لا تمثل إلا موقعيها وأن عدد أعضاء المجلس الوطني يتجاوز ألف شخص، وأن الحزب لا يعترف بالعرائض.
ثم وصف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، من موريطانيا، تصريحات حليفه بأنها غير مسؤولة وتعبر عن شخصه فقط، في خطوة اعتبرها البعض ضربة قاسمة لأي عودة لحزب الاستقلال لمشاورات تشكيل الحكومة.
ثم ختم حرب البلاغات والتصريحات ومعارك تكسير العظام هذه، بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال في دورته الاستثنائية يوم السبت 31 دجنبر 2016، بقرارات صارمة وحاسمة، قلبت الطاولة على خصوم الحزب. وذلك بـ:
ثلاث قرارات مهمة متعلقة بسياسة الحزب هي:
1- التأكيد على احترام سيادة الدول ووحدتها وسيادتها، وعلى رأسها الوحدة الوطنية.
2- التأكيد على مساندة الحكومة ودعمها إن لم تتيسر المشاركة فيها.
3- التأكيد على سيادة قراره واستقلاليته، لمواجهة محاولات إضعافه وتطويعه.
وثلاث قرارت متعلقة بأموره التنظيمية الداخلية هي:
1- تشكيل لجنة تستلم بعضا من صلاحيات شباط مكونة من ثلاثة أشخاص.
2- انتداب وفد للتفاوض بخصوص تشكيل الحكومة مشكل من ثلاثة أشخاص.
3- إحالة ثلاثة قياديين على اللجنة الوطنية للتأديب قصد معاقبتهم لعدم انضباطهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *