خسرت الحكومة البريطانية استئنافها في قضية الليبي عبد الحكيم بلحاج بعد أن قضت أعلى محكمة في بريطانيا بأن من حقه مقاضاة لندن بشأن مزاعم عن تورط أجهزة المخابرات البريطانية في تعذيبه وترحيله وزوجته إلى ليبيا بطريقة غير قانونية عام 2004 في ما باتت تعرف بالرحلات السرية.
وقالت المحكمة إن الحكومة لا يمكنها طلب الحصانة أو التهرب من المحاكمة بدعوى قانون حصانة الدول الأجنبية، وبذلك تعود قضية بلحاج وخمسة آخرين إلى المحكمة العليا في بريطانيا للنظر فيها.
ومن المقرر أن تنظر هذه المحكمة في إمكانية أن تقاضي عائلة بلحاج أحد كبار مسؤولي جهاز المخابرات الخارجية البريطاني ووزير الخارجية الأسبق جاك سترو لدورهما في القضية.
وكان سترو قد نفى أمام البرلمان العام الماضي أي تورط لبريطانيا في قضية بلحاج.
وقالت مراسلة الجزيرة في لندن مينة حربلو إن الحكومة البريطانية أنفقت أموالا طائلة لإسقاط القضية لأن الكشف عن معلومات مخابرات سرية أمام المحاكم قد يضر بالعلاقات مع واشنطن.
وتشير المراسلة إلى أن المحامين يجادلون أن واشنطن كانت قد نشرت تحقيقا شاملا عن الرحلات السرية وطريقة الاستجواب والتعذيب ضد المعتقلين، ويرون أنه يتعين على لندن أن تحذو حذوها وتعترف بتورطها في هذه القضية وتنشر تحقيقاتها بهذا الشأن.
ويؤكد بلحاج أن ضباطا في وكالة المخابرات المركزية الأميركية خطفوه هو وزوجته الحامل من تايلند عام 2004 ثم نقلوهما إلى طرابلس بمساعدة مسؤولين أمنيين بريطانيين. واستند محامو بلحاج إلى وثائق عثر عليها في ليبيا بعد سقوط العقيد الراحل معمر القذافي.
وكانت بريطانيا والولايات المتحدة تحرصان في ذلك الوقت على إقامة علاقات مع القذافي – رغم أنهما كانتا تعتبرانه دكتاتورا- بعد تعهده بنبذ رعاية “الإرهاب” وإنهاء برامج التسلح الكيميائي والنووي في ليبيا.
وأمضى بلحاج ست سنوات في “أحد أكثر السجون قساوة” في ليبيا، حيث استجوبه عملاء بريطانيون أكثر من مرة كما قال محاموه.
يشار إلى أن قضية مماثلة لقضية بلحاج مع معارض ليبي آخر تمت تسويتها بمنح المعارض -وهو سامي الصعدي- تعويضا بمبلغ مليوني جنيه إسترليني.
وكانت الشرطة البريطانية أجرت تحقيقا جنائيا في قضيتي بلحاج والصعدي، لكن الادعاء البريطاني قال إنه لا يوجد دليل كاف لتوجيه تهم.
ويقول المؤيدون لرفع قضية بلحاج للقضاء إنها تمثل إحدى الفرص القليلة المتبقية لديهم لكشف الدور الذي لعبته الحكومة البريطانية في قضية تسليم بلحاج.