القرار المثير لوزارة الداخلية والقاضي بمنع بيع وخياطة وتصنيع النقاب في الأسواق والمحلات، أثار ضجة كبيرة، وطرح العديد من الأسئلة والاستفهامات، خصوصا وأن الوزارة لم تصدر أي بلاغ أو توضيح بخصوصه بالرغم من أنه يمس شعيرة دينية، واختيار عدد كبير من المواطنين، وتجارة عدد من الباعة والتجار!!
فالنقاب في المغرب عرف قبل هذا القرار العديد من الحوادث والتضييقات والإكراهات، فمعلوم أن المنتقبة غير مرحب بها في أغلب المؤسسات والإدارات، بله ولوج معاهد لا تفلح حتى المحجبات في دخولها بالرغم من وجود الأهلية والتفوق.
والكثير منا يذكر أزمة الطالبة المنتقبة قبل عامين مع إدارة الحي الجامعي بمدينة الجديدة، والتي اضطرت في الأخير، حتى تحافظ على حقها في الاستفادة من السكن الجامعي، إلى نزع نقابها كلما وطئت قدماها باب الحي الجامعي وداخل فضاءاته.
بعد ذلك أثيرت ضجة حول استغلال النقاب في إخفاء وجوه بعض ضيفات برنامج “قصة الناس”، وهو ما اعتبر إساءة للنقاب، بسبب تصوير مرتدياته على أنهن يعشن ظروفا اجتماعية سيئة وإعطاء انطباع أن لهن سلوكيات سلبية أو منحرفة!!
وقبل ثلاثة أشهر وقعت الحادثة المؤسفة من اعتقال عدد من الفتيات ضمن خلية متهمة بالإرهاب سميت بـ”خلية المنقبات”، وإن كان حينها أكد الخيام مدير المكتب المغربي المركزي للأبحاث القضائية (التابع للمخابرات المغربية) أن النقاب حرية شخصية، وأن الاعتقال يتم بسبب المشاريع التخريبية التي يحملها الأفراد وليس مظهرهم.
وفي نفس الفترة أقدمت مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية بالحوز على طرد مدرسة منتقبة من المسجد العتيق بجماعة “اولاد مطاع”، بعدما رفضت التخلي عن نقابها، وهو ما جعل فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة حينها تعبر عن غضبها العارم ضد هذا القرار التعسفي.
بعد هذه الحادثة قام استبعاد بعض المنتقبات من المشاركة في أنشطة تحفيظ النساء بالمساجد، بحجة وجوب الحصول على “شهادة التدرير”، أو بادعاء أن تحفيظ القرآن سيكون حكرا على الكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم العتيق، كما أخبرت إحداهن.
لماذا يمنع النقاب في معهد للتعليم العتيق بآسفي بعد حملات التضييق عليه؟!
اليوم وبعد قرار وزارة الداخلية بمنع بيع وتصنيع النقاب، خرج علينا مدير معهد العرفان للتعليم العتيق بمدينة آسفي عبد الرزاق الوزكيتي، وهو بالمناسبة رئيس المجلس العلمي المحلي لآسفي، ليأمر طالبات المعهد المنتقبات بالتخلي عن نقابهن داخل المعهد.
فحسب مصدر مقرب، فإن الوزكيتي خاطب الطالبات المنتقبات أمس السبت 14 يناير 2017، وأمرهن بنزع النقاب داخل المعهد، مردفا “لكم الحرية في الخارج”.
ولم يتسن لنا التواصل مع المدير لمعرفة أسباب اتخاذه هذا الإجراء، وما علاقته بقرار وزارة الداخلية الأخير؛ غير أن الأمر يطرح عدة تساؤلات:
أليس من الواجب في هذا الظرف أن تكون المؤسسات الدينية والقائمين عليها هم المدافعون عن شعيرة من شعائر الدين؟
كيف يصدر هذا الإجراء من قائم على مؤسسة المفترض فيها هي الحامية للأمن الروحي للمتدينين؟
أين ستلجأ هؤلاء الطالبات اللواتي اخترن هذا اللباس، إذا ضيق عليهن في مؤسسة للتعليم الديني؟
هل هذا الإجراء هو نتيجة وتبع لقرار وزارة الداخلية، ما يعني أن الأمر لن يقف في حدود منع البيع والتصنيع، بل سيتعداه إلى فرض نزعه ابتداء داخل فضاءات معينة، ومن بعد ذلك في الفضاء العام (الشارع)؟!