ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما في شهر شعبان من فضائل، كالصيام ورفع الأعمال وغفران الذنوب إلى غير ذلك من الفضائل.
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:
قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟
قال: “ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” (صحيح الترغيب:1022).
فوجه تخصيصه شعبان بكثرة الصوم لكون أعمال العبادة ترفع فيه. (انظر:عمدة القاري 11/83).
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر، حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم، حتى نقول ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان”. (رواه أحمد والطبراني، صحيح الترغيب برقم:1023).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ”. (صحيح أبي داود رقم 2048، صحيح ابن ماجة رقم 1337).
نقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقول صام الشهر كله، ويقال قام فلان ليلته أجمع ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره.
قال الترمذي: كان بن المبارك جمع بين الحديثين بذلك، وحاصله أن الرواية الأولى مفسرة للثانية مخصصة لها، وإن المراد بالكل الأكثر وهو مجاز قليل الاستعمال. (انظر عون المعبود 6/329).
وقال ابن حجر رحمه الله: ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده، وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان. (فتح الباري 4/215).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلى شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان”. (البخاري برقم 1868 ومسلم 1156).
قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار (3/372): لا تنازع بين العلماء في هذا الحديث وليس فيه ما يشكل، وصيام غير رمضان تطوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر.
وعنها رضي الله عنها قالت: “كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان”. (صحيح أبي داود برقم 2124، وصحيح الجامع برقم 4628).
فشهر شعبان هو مقدمة لشهر رمضان ولذلك شرع فيه الصيام، ليحصل التأهب والاستعداد لاستقبال شهر رمضان، وتتروض النفس على طاعة الله.
قال ابن رجب رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وتكون منـزلته من الصيام بمنـزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.