إذاعة “الزاوني” بالمغرب.. هل احْتُلت البلاد من جديد من طرف الدول الأوربية؟؟

في ظل الحراك الاجتماع الخطير الذي يعرفه المغرب في جهة الريف المجاهدة؛ وفي ظل هذا الغليان الذي تعرفه المنطقة، والذي يجعل المغاربة يضعون أيديهم على قلوبهم من الوجل أن نلحق ببلدان تم تدميرها؛ وشعوب تم تقتيلها؛ بفعل الشراكة بين أرباب الاستبداد ومافيا استخبارات الدول الامبريالية التي تعيث في الأرض فساد واستغلالا لمعاناة شعوبنا المسحوقة؛ في ظروف كهذه؛ تتسلل لواذًا جمعياتٌ علمانية غربية تساند جمعيات ظاهرها مغربي وفكرها وأجندتها غربي؛ يدخلون أحد الفنادق المغربية ممولين من طرف دول الاحتلال الأوربية التي لا تزال أيديها ملطخة بدماء الشعوب الإسلامية؛ ومؤطرة من طرف مؤسسة إيطالية للأمهات العازبات، وذلك لإعطاء الانطلاقة لإذاعة جديدة تعنى بما يسمى في الغرب بـ”الأمهات العازبات”.
الإذاعة حسب تصريحات القائمين عليها يتم تمويلها بدعم من الاتحاد الأوروبي والمؤسسة الإيطالية “Soleterre”، وبشراكة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ووكالة التنمية الاجتماعية، وبتنسيق مع جمعية “100 في المائة أمهات”.
وخلال ندوة نظمتها المؤسسة الإيطالية “Soleterre” صباح الأحد المنصرم بالرباط، للتعريف بهذه الإذاعة، أعلنت نعيمة حمداني، أم حاملة خارج إطار الزواج عن الانطلاق الرسمي للإذاعة، وصرحت أنه: “تحدٍّ كبير أن أقف أمامكم اليوم بوجه مكشوف كأم عزباء للإعلان عن انطلاق إذاعة أمهات على الأثير”.
وقالت رحيمو حاجو، منسقة في جمعية “مائة بالمائة أمهات”، إن “هذه الإذاعة أداة تمكن الأمهات العزباوات من إسماع أصواتهن، والتعبير عن مطالبهن والدفاع عن حقوقهن وحقوق أطفالهن”.
فأي عقل يصدق هذا؟؟
وكيف وصل الأمر إلى هذا الحد؟؟
ومَن المسؤول عن هذا الإجرام ؟؟
وأين هم حماة المجتمع المغربي المسلم؟؟
أين حماة الملة والدين؟؟
أين العلماء الربانيين؟؟
أين مؤسسات العلماء الرسميين وغير الرسميين؟؟
ولماذا نهتم بالحديث عن سؤالات الإرث ونشتغل بتشغيب الصبيان المتحولين وعبث العلمانيين الحاقدين، في حينمؤسسة الأسرة تهدم بالواضح والمكشوف؟؟
فهل يبقى تطبيق للزواج الشرعي حتى نتحدث عن نصيب المرأة والرجل والذكر والأنثى؟؟
إننا أمام أكبر عملية هدم للمجتمع المغربي؛ مدعومة بمال دول الاتحاد الأوربي المستخلصة من الشركات المتعددة الجنسية.
الحقيقة أن المنظمات والصناديق التي تمول برامج الجمعيات والمنظمات العلمانية أغلبها يمول من طرف شركات كبرى متعددة الجنسيات الغربية، تشتغل مع دولها في الصفقات الكبرى عالميا؛ في قطاعات متعددة أهمها شركات صنع الأسلحة وشركات إعادة الإعمار وبناء السدود والقناطر والتنقيب عن النفط.
فشركات الدول الغربية تنتج السلاح ودولها تصدره إلينا؛ وجيوشها تهدم وتقتل وتخرب؛ ثم ترسل شركاتها لتعيد الإعمار وتأخذ الصفقات؛ وبلداننا تقترض من بنوكهم التي تمولها نفس شركاتهم الكبرى؛ حتى نسدد نفقات الصفقات والبرامج التي تدعى زورا تنموية.
الخلاصة هي أن نفس الشركات الغربية المذكورة هي من يمول الصناديق في الاتحاد الأوربي وأمريكا، وهي من يمول صناديق الجمعيات الغربية التي تؤطر مجتمعاتنا ثقافيا واجتماعيا وفكريا وحقوقيا وفنيا، وترسل جيوشها بأزياء مدنية لتتفرق في مؤسسات المجتمع المدني، تهدم بنيات المجتمع وتعيد بناءها وفق منظورها اللاديني.
للأسف علينا أن نعترف أن العقل الاستعماري/الاستخرابي؛ استطاع أن يصل بعد الاستقلال إلى ما لم يستطع تحقيقه إبان الاحتلال والتقتيل والتعذيب.
اِستطاع أن يخترق كل بنياتنا المجتمعية؛ استطاع أن يعطل فينا كل ممانعة؛ استعمل كل الأساليب وكل الطرق وكان آخرها حربه على الإرهاب والتطرف، التي كمم بقوانينها ومفاهيمها أفواه العلماء، والمخلصين من المفكرين والدعاة والمناضلين؛ وبالمقابل أطلق أيدي وألسنة عملائه اللادينيين ومن يدعمهم من جيوش الغرب الغازية لمجتمعنا عبر المنظمات والجمعيات.
“فيتوريا رينالدي”، منسقة مشروع إذاعة “أمهات على الأثير”، في منظمة “SOLETERRE” الإيطالية، صرحت أن الإذاعة تسعى إلى “دعم الأمهات العزباوات في معركتهن للدفاع عن حقوقهن”.
فأية حقوق للأمهات العازبات؟؟
ومن يظلمهن وينتهك حقوقهن؟؟
ومن المسؤول عن وجود هذه الظاهرة المشينة؟؟
وهل يمكن تصور وجود امرأة مسلمة تفتخر بأنها أم عازبة لها حقوق تدافع عنها؟؟
وكيف يمكن قبول الترخيص لإذاعة تشجع على انتاج المزيد من الأمهات العازبات؟؟
كيف يمكن فهم هذا؟؟
أولا يجب أن نتفق أن كل امرأة حملت إثر اغتصاب أو تشرب للمني بطريقة غير رضائية؛ لا تعتبر أما عازبة؛ ولا يشملها المفهوم الخاص الذي يستنبت تدريجيا في مختلف الحقول التداولية؛ باعتبار أن ملف “الأم العازبة” هوملف يقوم بدعمه والدعاية له نساء ورجال ومنظمات وجمعيات تعتبر الممارسة الجنسية خارج إطار الزواجمماثلة لممارستها في إطار الزواج ومن هذا المنطلق يطالبن بحقوق من يسمونهن أمهات عازبات.
إن مصطلح “الأم العازبة” له ارتباط بالبيئة التي نشأ فيها؛ والتي أفرزت مفهوما للأم العزباء عبر تطورات اجتماعية وثقافية واقتصادية ودينية انصهرت لتشكل مفهوما للأمومة مع الاحتفاظ بالعزوبية، هذا المفهوم يُمكِّن من استخلاص تعريف للأم العزباء كالتالي: “الأم العازبة هي امرأة مارست شهوة الجنس في إطار السفاح مع رجل لا يحل لها نتج عن هذه الممارسة ولد غير شرعي”.
وحتى يمكن الحديث عن “حقوق” الأم العازبة لابد أن نفكك هذا التعريف؛ فهناك:
-امرأة
-رجل لا يحل لها
-شهوة جنسية
-سفاح
-أمومة
-عزوبة
-ولد زنا
-مرجعية تمكن من الحكم بعدم شرعية الفعل الممارس والولد الناتج عنه.
وما يهمنا في ظل هذا الحدث العظيم الجسيم -المؤذن بالخراب التام، والتدمير الشامل للأسرة ومتعلقاتها-؛ هو تسليط الضوء على أهم ثلاث مفاهيم تضمنها التعريف؛ وهي:
مفهوم “رجل لا يحل لها”؛ ومفهوم “علاقة السفاح”؛ ومفهوم “ولد غير شرعي”؛ فكل هذه المفاهيم مرتبطة بالتصور الإسلامي المستمد من القرآن والسنة وأحكامهما، ويترتب عن إعمالهما قانونيا وشرعيا أحكامٌ مرتبطة بالإرث والنفقة والولاية والوصاية والحضانة وكل أحكام الأسرة؛ كما لها ارتباط في الجانب الجنائي بالعقوبات؛ فهل يمكن الحديث عن مفهوم “الأم العازبة” في ظل مرجعية هذه الأحكام؟ الجواب: قطعا لا.
إلا إذا لم تعد هذه الأحكام ومرجعيتها مؤيدة بالسلطة ومفروضة بالقانون الذي يعطيها صفة الإلزام والاحترام.
وبالرجوع إلى الواقع نجد أن المجتمع المغربي لا تحكمه بالفعل المرجعيةُ الإسلامية من الجانب الرسمي؛ وإنما هناك احترام للمرجعية الإسلامية من طرف الأفراد والأسر؛ فليس هناك ما يمنع الناس من ممارسة الزنا فالعلاقة بين النساء والرجال مفتوحة بشكل مكشوف؛ وتعتبر الزنا أمرا متواطئا عليه؛ والدولة تنتهج سياسة اتجاه العلاقات الجنسية هي أقرب إلى الحياد منها إلى تطبيق القانون الذي يعتبر -أصلا- متساهلا جدا مع مقترفي هذه الكبيرة الشنيعة.
في ظل هذا الوضع لا بد أن يكون هناك تسيب جنسي غير منضبط؛ هذا التسيب لا بد أن يكون له إفرازات أهمها انتشار ظاهرة “الأمهات من الزنا” اللاتي تسميهن الجمعيات العلمانية بـ”الأمهات العازبات” وهي تسمية مستوردة من الغرب العلماني الذي لم يعد للشريعة الدينية وجود في قوانينه.
حياد الدولة في موضوع التسيب الجنسي أردفته بحياد آخر لها، -وهو الأخطر- والمتمثل في حيادها اتجاه تغلغل الجيوش الغربية في المجتمع المغربي والمتوارية خلف الجمعيات والمنظمات الغربية؛ التي تستهدف المرأة المغربية والأسرة وقضاياها؛ وتعمل ليلا ونهارا على تفكيك مؤسساتنا الاجتماعية وإعادة بناء المجتمع المغربي وفق مفهوم الغرب العلماني المادي للإنسان والكون والحياة؛ والذي لا مكان فيه لشريعة الإسلام ولا للمفاهيم المتعلقة بها، حياد الدولة هذا يعطي الإحساس وكأن المغرب احتل من جديد من طرف البلدان الغربية.
ونتساءل:
هل يمكن محاورة المغربيات أصحاب الإذاعة بخصوص مفهوم العفة وأحكام الشرع في الإرث والوصاية والنفقة؟!
هل يمكن الحديث معهم عن مفهوم الزنا وحكمه؟؟
هل ما زالوا يؤمنون بشكل الأسرة وبنائها الشرعي؟؟
إن ما سيأتي بعد هذا التطور الخطير سيكون أفظع وأخزى وأطم؛ سنرى بالتدريج لا قدر الله:
-إلحاق ولد الزنا بأبيه خلاف المشهور من المذهب المالكي المعمول به طيلة 13 قرنا وبالتالي:
-توريثه مع الأبناء الشرعيين.
-رفع العقوبات عن الزنا والفساد الأخلاقي حتى نخرج من حالة التناقض بين القوانين؛ فكيف تكون للأم العازبة حقوق وفي نفس الوقت تعاقب على ممارسة الجنس.
-تشريع العقود المدنية للزواج في البلديات وترسيمها جنبا إلى جنب مع العقود الشرعية التي يبرمها العدول ويخاطب عليها القاضي الشرعي والتي ستندثر تدريجيا.
-سن القوانين المبيحة للسكن تحت سقف واحد بين الرجال والنساء دون عقد زواج سواء كان شرعيا أو غير شرعي.
-الترخيص للدعارة ما دامت الزنا استحلت ولم تعد محرمة ولا مجرمة قانونا.
وغير ذلك كثير…
إن على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في حماية الأسرة المغربية والمجتمع المغربي؛ وضمان حماية بناتنا وأبنائنا من هذا الاستهداف الغربي العلماني لهم؛ والممثل في تمويل أنشطة وبرامج المنظمات والجمعيات العلمانية.
كما نأسف على استغلال العلمانيين المتنفذين للأوضاع التي تمر بها البلاد في المزيد من تمرير المشاريع العلمانية المحاربة للهوية والدين؛ في حكومة يترأسها حزب إسلامي؛ الأمر الذي يعطي الانطباع بأن هناك جهة يهمها أن ترسخ لدى المغاربة أن الإسلاميين الذين صدعوا رؤوسكم بالعفة والطهرانية منافقون تجار دين؛ فهاهم في ولايتهم يعطون التراخيص للزواني حتى تكون لهن إذاعة يدافعن من خلالها عن حقوقهن.
فالكل مدعو للقيام بواجبه.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم الطالب
يوم الأربعاء 27 شعبان 1438هـ
الموافق لـ22 ماي 2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *