مرتزقة “بلاك ووتر” الأمريكيون يقتلون المدنيين في العراق إبراهيم بيدون

احتلت الولايات المتحدة الأمريكية العراق ودمرته لنزع أسلحة الدمار الشامل التي لم يكن لها وجود إلا في مخيلة وخطط الغزاة الأمركيين، فدخلت العراق المسلم وبرفقتها في المقابل أسلحة دمار هي أفتك وأخطر، وهيمنت على العراق لتُحْلِلَ فيه الأمن وتنقذ العراقيين من دكتاتور مجرم! (صدام حسين رحمه الله) فكانت هي أشد إجراما منه, والمفارقة العجيبة بين عراق صدام وعراق ما بعد صدام تتجلى في ما نراه كل يوم منذ بدايات الغزو الغاشم من قتلى بالمئات بل بالآلاف, وما يسفك من دماء الشهداء والضحايا من أطفال ونساء وشيوخ سالت أودية حمراء في شوارع العراق تذكر بما اقترفه الصليبيون من مجازر في بيت المقدس أيام الحروب الصليبية, وهي ما نراه من أعراض تهتك (سجن أبي غريب)، ومن دمار وخراب للمنازل والمرافق والمساجد، والبنية التحتية للبلاد، هي ما نراه من تطاحن طائفي وتقتيل وتهجير للسنة من طرف الشيعة..، هي ما نراه من حكومة مؤمركة شيعية، وفيلق غدر، وتدخل إيراني في الشأن الداخلي للعراق..
تداعت الولايات المتحدة الأمريكية وجملة من الدول النصرانية والوثنية على العراق لتشن حربا صليبية -جديدة- بكل قواها وأساطيلها البرية والبحرية والجوية, ولم تكتف بهذا الأسطول حتى استعانت بمرتزقتها ومرتزقة العالم ليحلوا فيه السلام بنكهة أمريكية “بوشوية”، في شكل شركات للأمن الخاصة (أمن المرتزقة) التي تعمل مع المحتل الأمريكي ومن أهمها شركة “بلاك ووتر”.

شركات الأمن الخاصة في العراق عبارة عن مرتزقة
تعتبر شركة “بلاك ووتر” الأمنية الأميركية التي منعتها السلطات العراقية من مزاولة أعمالها في البلاد الأكثر شهرة في العراق (والتي لا زالت تقوم بأعمالها بقرار أمريكي), حيث تتولى حراسة مواقع أميركية حساسة أهمها السفارة الأميركية.
ومنذ الغزو الأميركي للعراق في مارس 2003م، كلفت هذه الشركة التي يعمل فيها أكثر من مائة ألف من الحراس المسلحين من مختلف الجنسيات بحماية الحاكم الأميركي السابق “بول بريمر”، والسفيرين السابقين “جون نيغروبونتي” و”زلماي خليل زاد” واليوم “راين كروكر”، كما تتولى “بلاك ووتر” أمن الدبلوماسيين وكبار الشخصيات التي تزور العراق، وحراسة المنشآت.

وقد أبرمت الشركة عقودا بلغت قيمتها مئات ملايين الدولارات مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إثر الحرب على العراق، وتستخدم الشركة التي تتخذ من ولاية “كارولاينا الشمالية” مقرا لها رعايا أميركيين معظمهم خدموا في القوات الخاصة بالجيش الأميركي، وقد أسسها عنصر سابق في القوات الخاصة البحرية الأميركية عام 1997م.
والعاملون في “بلاك ووتر” يلبسون خوذات معدنية وسترات واقية من الرصاص، وهم مجهزون بمعدات مماثلة لجيش حقيقي تشمل أسلحة خفيفة من أنواع مختلفة ورشاشات ثقيلة وآليات مصفحة وحتى مروحيات.
وقال “غاري جاكسون” مدير شركة “بلاك ووتر”: “نحن نجوب أنحاء الأرض للبحث عن “كوماندوز” محترفين، وقد اكتشفنا أن “الكوماندوز” التشيليين من أكثر رجال القوات الخاصة حرفية وتأهيلا”، كما “أكد على أن تعاقده مع الحكومة الأمريكية يغطي 95% من تعاقداته، وأن أعمال شركته تضاعفت بنسبة 300%”.
ويُعرف موظفو هذه الشركة ببطشهم، وهم مكروهون من العراقيين، ويشتهرون بأنهم يفتحون النار دون تمييز على السيارات والمارة الذين يقتربون من قوافلهم، ويتصرفون بكل استقلالية ولا يحاسبون على أعمالهم سوى أمام مسؤوليهم باعتبار أنهم لا يتبعون القانون الدولي الخاص بالنزاعات، وقد جذبت “بلاك ووتر” انتباه الرأي العام في مارس 2004م عندما وقع أربعة من موظفيها الأميركيين في كمين في الفلوجة في أبريل ثم في نوفمبر 2004م، وعلى إثر ذلك انتقمت قوات “المارينز” من سكان المدينة وحولتها إلى رماد.
وفي أبريل 2005م قتل ستة من موظفيها الأميركيين عندما أسقطت مروحيتهم من طراز MI-8 برصاص مسلحين من السنة، وفي 23 يناير 2007م لقي خمسة موظفين آخرين حتفهم إثر إسقاط مروحيتهم أيضا من طراز H-6.
وهذه المروحيات الصغيرة من نوع (Boeing A.H./M.H.6) (ليتل بيرد) التي يتألف طاقمها من طيار ومساعده ورشاشين، تشكل جزء من المشهد العام في بغداد، حيث تؤمن “بلاك ووتر” بانتظام تغطية جوية للقوافل البرية.
وإلى جانب “بلاك ووتر” تعمل حاليا عشرات الشركات الأمنية الخاصة غالبيتها غربية في العراق، وأبرز هذه الشركات “آرمر غروب” و”دينكوربس” و”أيجيس ديفنس سرفيسز”، وهي تضم في صفوفها عشرات آلاف المرتزقة لتشكل ثاني قوة أجنبية في العراق بعد الجيش الأميركي.

شركة “بلاك ووتر” وقتل المدنيين
وفي الأيام الأخيرة قام بعض المرتزقة من الشركة بفتح النار على مدنيين عراقيين في ساحة النسور ببغداد، ما أوقع عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، والمحققون العراقيون يواصلون جمع أدلة وشهادات تدين الشركة.
وبهذا الصدد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ضابط قوله: “إن في حوزة وزارة الداخلية العراقية شريط فيديو صورته الشرطة فور وقوع الحادث”، مشيرا إلى أن “المعلومات التي جمعها فريق التحقيق العراقي من الشهود والشريط المصور تؤكد عدم صحة وخطأ كل المعلومات التي أعلنها الأميركيون بأن الموكب تعرض لهجوم من مسلحين”.
وعلى الرغم من أن السلطات العراقية أوقفت عمل هذه الشركة، فإن “بلاك ووتر” عادت إلى ممارسة أعمالها بصورة محدودة ولم يتخذ أي إجراء ضد الشركة أو العاملين فيها.
فراغ أمني في العراق
وفي السياق اعتبر المتحدث باسم خطة فرض الأمن في بغداد تحسين الشيخلي في مؤتمر صحفي ببغداد أن طرد هذه الشركة أو الشركات الأمنية سيخلف فراغا أمنيا يتطلب سحب عدد من القوات العسكرية من الميدان لتوفير الحماية للسفارات والشركات الأجنبية العاملة في العراق.
وأضاف أن الحكومة العراقية لن تتخذ إجراءات فورية لطرد الشركة الأمنية، مشيرا إلى أن أي وقف لنشاط هذه الشركات سيخل بالتوازن الأمني على الأرض.

السفارة الأمريكية ترفض إعطاء بغداد معلومات عن تحركات “بلاك ووتر”
قالت صحيفة “لوس آنجلوس تايمز”: “إن السفارة الأمريكية في بغداد رفضت إعطاء السلطات العراقية أية معلومات عن تحركات شركة “بلاك ووتر” الأمنية الأمريكية”.
غير أن “ميريمبي نانتونجو” المتحدثة باسم السفارة الأمريكية لدى بغداد نفت أن تكون السفارة الأمريكية ستخبر السلطات العراقية بتحركات شركة “بلاك ووتر”، وهو ما يدحض وفق “لوس آنجلوس” تصريح النائب سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء العراقي لها الذي أكد فيه أن الشركة ستبلغ الحكومة العراقية بتحركاتها لحين انتهاء التحقيق الذي فتح حول حادثة ساحة النسور.
وفي السياق أقرّ بسام رضا مستشار المالكي بأن الحكومة العراقية عاجزة عن تطبيق قرارها بمنع “بلاك ووتر” عن مواصلة عملها في العراق لحين انتهاء التحقيق.
إن من نافلة القول أن نذكّر بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تأت للعراق لإحلال العدل والمساواة و”الديمقراطية المزعومة” التي يتشدقون بها، لأن الواقع أكد خلاف ذلك مرارا، وأظهر أن أمريكا أتت العراق للحرب على الإسلام كدين يؤطر سلوك العراقي ويمده بروح المقاومة لكل ما هو صهيوني، كما جاءت لإذلال المواطنين السنة وتقليل عددهم في مقابل الشيعة, وخدمة مصالحها وتحقيق أمن إسرائيل وكيلة أمريكا في الشرق الذي سموه أوسطا بالنسبة لهم، لهذا سخرت كل قواها لتحقيق هذه الأهداف, ولا عجب أن تستعين بالمرتزقة في ذلك لكون من أسسوا الولايات المتحدة الأمريكية كانوا في الأصل مرتزقة أوربا أبادوا الهنود الحمر كما يبيد أحفادهم اليوم المسلمين في العراق. فهل بعد هذا الإرهاب من إرهاب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *