(وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا) محمد درويش

 

مشهد عظيم يحتوى على آلام وحسرات لا يساويها نعيم الدنيا كله لو جمع لأحدهم، ها هو النفخ في الصور قد تم، وهذا الحشر، وها هم المجرمون يحشرون للحساب زرقاً من الخزي والخوف الشديد والقلق والعطش.

ويبدأ بينهم الجدال الذي لو انتبهوا في الدنيا لما دخلوا فيه يوم القيامة يسأل بعضهم بعضاً ويتبارون في إثبات مدى قصر عمر الدنيا وقد ولت، هل كانت ساعة أم جزء من يوم أم يوم كامل؟!

حسرات، وندم وقلق مضني، فهل وعينا وانتبهنا لأنفسنا قبل أن نقف هذا الموقف المخزي، عسى عودة وتوبة وأوبة تجعلنا نحشر في وفد الرحمن اللهم سلم سلم.

{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا، يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا، نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا}   [طه102-104] .

قال السعدي في تفسيره: أي: “إذا نفخ في الصور وخرج الناس من قبورهم، كل على حسب حاله، فالمتقون يحشرون إلى الرحمن وفدا، والمجرمون يحشرون زرقا ألوانهم من الخوف والقلق والعطش، يتناجون بينهم، ويتخافتون في قصر مدة الدنيا، وسرعة الآخرة، فيقول بعضهم: ما لبثتم إلا عشرة أيام، ويقول بعضهم غير ذلك، والله يعلم تخافتهم، ويسمع ما يقولون {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} أي: أعدلهم وأقربهم إلى التقدير {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا}، والمقصود من هذا، الندم العظيم، كيف ضيعوا الأوقات القصيرة، وقطعوها ساهين لاهين، معرضين عما ينفعهم، مقبلين على ما يضرهم، فها قد حضر الجزاء، وحق الوعيد، فلم يبق إلا الندم، والدعاء بالويل والثبور. كما قال تعالى:  {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ، قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *