الإخوان والاحتضان والدعم السعودي

تعود علاقة السعودية مع جماعة الإخوان المسلمين إلى ما يزيد على نصف قرن، حيث احتضنت السعودية هذا التنظيم ووفرت له الدعم والحماية والملاذ الآمن، منذ أن طاردهم جمال عبد الناصر ونصب لهم المشانق وفتح لهم الزنازن.
قبل ذلك كان حسن البنا التقى منتصف الثلاثينات بالملك عبد العزيز، في مؤتمر كان يعقده هذا الأخير كل موسم حج.
كانت السعودية في حاجة لخبرات الإخوان، في مجالات شتي، كما أنها كانت في حاجة لخطابهم الديني، في مقابل الخطاب التقليدي السائد، الذي كان يحول دون التطوير في سياساتها، فكان الإخوان يعدون الدراسات والتأصيلات التي تلائم بين الخطاب الشرعي، ومتطلبات العصر. فكانت علاقة النظام السعودي والإخوان، علاقة مصلحة متبادلة.
غير أن حرب الخليج الثانية سنة 1991، شكلت منعطفا في هذه العلاقة، حين اتخذ الإخوان موقفا سياسيا مخالفا لموقف النظام السعودي، ما اعتبرته السعودية خيانة وطعنة في الظهر، بعد ذلك شكل انفتاح الإخوان، ودعوتهم للحرية والتعددية والحق في العمل السياسي، وإنشاء الأحزاب والجمعيات، شكل ذلك تخوفات لدى النظام السعودي، الذي لا يسمح بهذه الأمور، ويعتبر خطابه الرسمي التقليدي، العمل السياسي والحزبي، بدعة لا تجوز. لهذه الأسباب وغيرها، كلها مواقف ورؤى وتقديرات سياسية، بدأت العلاقة تتوتر نسبيا، لكن دون أن تعلن السعودية عن أي موقف رسمي تجاه الإخوان.
سنة 2004، أطلق وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز تصريحات مثيرة بشأن أسباب التطرف في العالم الإسلامي ومنابعه. وأنحى الأمير نايف باللائمة بشكل رئيسي على جماعة الإخوان المسلمين محملا إياها المسؤولية في معظم ما يعاني منه العالم الإسلامي من عنف وتطرف، قائلا إن الإخوان هم أصل البلاء ومصدر كل المشكلات.
جاء ذلك بعد ضربات 11 شتنبر، التي تم تحميل المسؤولية فيها للسعودية، سواء من جهة مشاركة 15 سعوديا في تلك الضربات، أو من جهة مسؤولية الخطاب الديني الذي استعمله المهاجمون، وهو نفس الخطاب الديني الرسمي للسعودية، هكذا كانت الاتهامات حينها، فحاولت السعودية إبعاد كرة النار عن مرماها، برميها في مرمى الإخوان.
مع اندلاع شرارة الربيع العربي نهاية 2010، وبداية 2011، كان موقف الإخوان مساندة المطالب الشعبية، والدعوة لتنحية الأنظمة الاستبدادية، هذا الموقف كان النقطة التي أفاضت كأس الصبر لدى السعودية، لأن موقف الإخوان، يهدد أول ما يهدد، النظام السعودي، وباقي أنظمة الخليج.
بدأت كرة الثلج في التدحرج، إلى أن أعلن قطع العلاقات مع قطر، بتهمة دعم وتمويل الإرهاب، ليتضح أن الأمر يتعلق فقط بدعم الإخوان واستضافة قياداتهم. فصرح بكل وضوح، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنه على قطر التوقف عن دعم جماعات مثل الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
القصة إذن لا علاقة لها بدعم الإرهاب ولا بتمويله، الأمر يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، بدعمها واستضافتها والتعامل والتعاون معها، وهو ما كانت السعودية سباقة إليه لعقود من الزمن، والسعودية تعلم جيدا أن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية ولا علاقة لها بالإرهاب، وهي غير مصنفة كذلك، لكنها ألاعيب السياسة، ومصالحها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *