“بلاك جاك” والمجزرة الأمريكية في الفلبين

لم يكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أول من ذكر العالم الإسلامي بشخصية السفاح الأمريكي الجنرال جون بيرشينج الشهير بــ”بلاك جاك”، فأحداث 11/سبتمبر التي انطلقت معها موجة عداء أمريكية تستهدف العالم الإسلامي كانت ذريعة كافية لابتداع واستنباط أساليب للتنكيل بكل من يشتبه بكونه على علاقة بما بات يعرف بـ”الإرهاب الإسلامي”.. ومن ضمن ذلك التذكير بما فعله “بلاك جاك” حيث كان يقود الحامية العسكرية الأمريكية في الفلبين في مواجهة الجماعات الإسلامية التي كانت تقاتل من أجل استقلال مينداناو عقب خروج المستعمر الإسباني عام 1898م .
يقول موقع “Thoughtco” الأمريكي إن الجنرال جون بيرشينج الذي شارك في الحرب الأمريكية ضد قبائل الأباتشي في الجنوب الغربي الأمريكي وارتكب فضائع ضدها وهاجم بقوافله العسكرية المكسيك ثم ألمانيا، شن حرباً شرسة ضد ما كانت ولا تزال واشنطن تعتبره “إرهاباً إسلامياً” في الفلبين، حيث حكم الجنرال “بلاك جاك” جزيرة مينداناو، وفرض حظراً على استخدام الأسلحة وقام بحملة تهدف إلى جمع الأسلحة من السكان في الجزيرة ذات الأغلبية المسلمة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب هجوم “برشلونة”، قال في تغريدة على “تويتر”: “أدرسوا ما فعله الجنرال الأمريكي بيرشينج بالإرهابيين بعد القبض عليهم، اختفى بعدها إرهاب الإسلام المتطرف لمدة 35 عامًا”.
استهدف المسلمين في مينداناو الاحتلال الأمريكي للجزيرة، وعلى غرار ذلك أقدم الجنرال الأمريكي على اعتقال 50 مسلماً وقام بإعدامهم برصاص مدهون بدهن الخنزير باستثناء واحد، وبحسب الرواية التي تناقلتها الكثير من الكتب التاريخية الأمريكية فإنه أراد من ذلك المسلم الذي تركه ينجوا بحياته أن ينقل للمسلمين أسلوبا جديداً للترهيب الأمريكي.
يقول رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بوب غراهام عن هذه الواقعة، إن الجنرال بيرشينج بعد قتله للمسلمين قام بلفهم بجلود الخنزير ودفنهم في حفرة جماعية لقناعه منه بأنهم بهذه الطريقة لن يدخلوا الجنة ولن يروا مكة !
قبل أحداث 11 شتنبر 2001 اقترح نائب وزير الأمن الداخلي الصهيوني جدعون عيزرا في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن يدفن المقاومين الفلسطينيين بعد لفهم بجلد الخنزير، وفي فيلم “ذا ريال غلوري” عام 1939 مثل غاري كوبر دور الطبيب في الجيش الأمريكي بيل كانافان، الذي يعمل في مانيلا، ويقوم خلال عمله بدفن المسلمين بجلود الخنزير.
خلال مقاومة الموريين للاحتلال الأمريكي الذي كان الداعم الأبرز للجماعات المسيحية في الفلبين ارتكب الجيش الأمريكي مجزرة “بودا جو” عام 1906، حيث هاجم قرابة الألف جندي وضابط أمريكي مدججين بالسلاح قرية مسلمة تقع عند فوهة بركان داجو، قتل خلال الهجوم غالبية سكان القرية معظمهم من النساء والأطفال.
تقول التقديرات التاريخية إن واشنطن أرسلت قرابة 126 ألف جندي لكبح التمرد الفلبيني ضد الاحتلال الأمريكي، ما بين عامي 1899 وحتى 1913، قتل خلالها 1.4 مليون من المورو بسبب سياسة الأرض المحروقة التي كانت تتبعها القوات الأمريكية في أرخبيل مينداناو.
يقول جور فيدال في مقالة بعنوان “التحقق من الإبادة الجماعية”، “ذبح الجيش الأميركي ثلاثة ملايين فلبيني في بداية القرن”. وفي كتاب “تاريخ شعب الولايات المتحدة الأمريكية” يقول هورد زين، في فبراير 1901 قتل الرجال والنساء والأطفال والأسرى ومارست القوات الأمريكية القتل لمجرد الاشتباه، حتى أصبح الفلبيني أفضل من “الكلب” بقليل.
يضيف الكاتب قائلا “لقد أغرق جنودنا الرجال بالمياه المالحة لكي يجبروهم على الاعتراف، وتم اقتياد الكثير من السجناء إلى أعلى الجسور وإطلاق النار عليهم واحدا تلو الآخر، لإسقاطهم في النهر، لقد أمر الجنرال والتر سميث الجنود بقتل منهم فوق سن العاشرة فأكثر دون تمييز”.
يقول مارك توين “لقد رأيت أننا لم ننوي تحرير الفلبين، ولكن كنا نريد إخضاع شعبها”.
كانت الرغبة الأمريكية شديدة بعد رحيل المستعمر الإسباني وتحالف قوى فلبينية مسيحية مع الأمريكيين لكبح ثوران قوة إسلامية جديدة صاعدة في الفلبين بأي ثمن، وإلى يومنا هذا تسعى واشنطن جاهدة لدعم الجيش الفلبيني بهدف القضاء على الإسلاميين في الفلبين. (عن مجلة البيان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *