أثارت المطالب والضغوط التي مارستها وسائل الإعلام الموالية لنظام الانقلاب العسكري في مصر على عدد من شيوخ الأزهر لإصدار أحكام وفتاوى بتكفير أشخاص وكيانات، تساؤلات حول فكرة التكفير فى الشريعة الإسلامية وفلسفتها التي تقوم عليها وخطورة الانخراط في هذا الإطار.
جاء ذلك عقب الهجوم الذي استهدف مسجد الروضة شمال سيناء وأسفر عن 305 قتلى و128 مصابا، حسبما نقلت وكالة أنباء “الشرق الأوسط” الرسمية عن النيابة العامة فيما لم تعلن حتى الآن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث.
وشارك عدد من الإعلاميين الموالين للانقلاب العسكري في الحملة التي استهدفت الشيخ الأزهري الدكتور عباس شومان والذي يشغل منصب وكيل الأزهر الشريف.
حيث رفض “شومان” الانسياق وراء ما أراده الإعلامي سيد علي والذي طلب منه تكفير مسلحي “تنظيم ولاية سيناء” فرد عليه أن “مسألة التكفير، هي مسألة علمية امتنع عنها الأزهر لأنها تفتح أبوابًا لا يمكن إغلاقها”.
وأضاف شومان خلال مداخلة هاتفية في برنامج على قناة “الحدث اليوم”: “يمكن أن نتحدث عن حادث ونقول إن من قاموا بهذا الحادث ليسوا من المسلمين، ونحكم على هؤلاء نتيجة فعلهم، ولا يمكن أن يقوم مسلم بقتل مسلم يصلي في مسجد”.
وأغضب موقف شومان الإعلامي عمرو أديب فهاجم شومان وتجاوزه إلى مهاجمة الأزهر كمؤسسة وكيان وانتقد ما سماه “دور الأزهر في مواجهة الإرهاب”.
بدوره، شارك الإعلامي أحمد موسى في ذات الحملة، ولكن هذه المرة استهدف هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، وذلك فى إطار انتقاده لسياسة القناة فى التغطية الخبرية لحادث الهجوم، حيث اتهمها بـ”التبرير للمسلحين عملياتهم”، وتساءل: “دا إيه الكفر بتاعهم دا بتاع البي بي سي دا إرهاب”.
وتعليقا على هذه الحملة، قال الأستاذ بجامعة الأزهر، وكيل اللجنة الدينية في البرلمان المصري سابقا، الشيخ محمد الصغير أن هذه الدعوات: “خرج جماعة من أنصار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن طاعته وبل وكفروه وهم من باشر قتله لكنه لما سئل عنهم أكفار هم قال لا بل من الكفر فروا إخواننا بغوا علينا”.
وأوضح “الصغير” في حديث لمنبر”عربي21″ أن “هذه قاعدة في التعامل مع البغاة الخوارج وجماعات التكفير والتفجير وللحاكم أن ينزل بهم العقوبة الرادعة ولكن ليس هذا مسوغا لإخراجهم من الملة ومقابلة التكفير بالتكفير وهذا ما صرح به شيخ الأزهر سابقا وأكده وكيل الأزهر الآن”.
وأضاف: “من المؤسف الخطير أن يستخدم سلاح الإعلام في توجيه الفتاوى الدينية لما يطلبه المذيعون وإن حرص نظام السيسي وأذرعه الإعلامية على خوض غمار التكفير هو في البداية نوع من التغطية على الفشل المتكرر لاسيما في الملف الأمني الذي طالما افتخروا أنهم إن لم ينجحوا إلا فيه فكفى”.
وأشار “الصغير” إلى أن هذه “محاولة شيطانية لتفكيك النسيج المجتمعي وسوق الناس إلى الاحتراب الأهلي وهذا يجعلني على قناعة أن النظام الحالي لا يسعى إلى حكم مصر بقدر ما يسعى لتمزيقها وتفكيكها وجعلها أشلاء دولة حسب تعبير السيسي نفسه.
من جهته، جمال عبد الستار وكيل وزارة الأوقاف في الحكومة المصرية خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي أن “كل من شهد بالتوحيد فهو مسلم ولا يستطيع أحد أن يخرجه من الإسلام إلا بعد إجراءات شرعية منها المناقشة والمراجعة ومن يعلن كفره هو القاضي وليس أي شخص أخر، وتكفير بعض الأشخاص بدون سند هذه جريمة وعبثية لا وجود لا في الإسلام”.
وأضاف عبد الستار أن “السيسي لا يواجه فكرا بفكر بل هو من صنع هذه المجموعات والأحداث من أجل تبرير استمرار السيسي حتى لا يسأل عن إنجاز أو تنمية أو قانون أو خسائر تكبدها مصر بسبب وجوده”.
ويؤكد عبد الستار أن “السيسي هو أحرص ما يكون على استمرار هذه الحالة في سيناء”، مضيفا: “أعتقد أنه هو من صنعهم لأن سيناء كانت بحوزة العسكر وتكرار مثل هذه الحوادث يجعلهم مسؤولين عنها سواء مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة”.
في المقابل، علق وكيل وزارة الأوقاف السابق وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الشيخ سالم عبد الجليل على الموضوع بقوله: “الضغوط التي يتعرض لها الأزهر الشريف كمؤسسة وكبار علمائه من أجل إصدار فتاوى وأحكام لتكفير أشخاص بعينهم وكيانات وهيئات بعينها لا يمكن أن يخضع لها الأزهر ولو فعل لأصبح الأمر خطيرا وفتح باب لا يغلق وأعطى الفرصة لكل من هب ودب أن يكفر من لا يروق له أو يخالفه الرأي”.