1- أثر الإيمان في تزكية النفس:
لقد اهتمّ الإسلام اهتماما بالغا بمسألة الأخلاق والسلوك، وجعل السلوك الحسن والأخلاق الفاضلة ثمرة للإيمان بالله تعالى، كما أن الوحي بنوعيه شكّل وسيلة أساسية لتهذيب النفوس وإصلاحها، فمن مقاصد القرآن الكريم هداية الخلق إلى طريق الحق.
فما أثر الإيمان في سلوك الإنسان؟ وأين يتجلى أثر الوحي في سلوك المؤمن؟
إن جمال السّلوك دليل على صدق الإيمان وقوته، كما أن قبح السلوك وانحراف الأخلاق دليل على ضعف الإيمان أو انعدامه، فالعلاقة بين السلوك والإيمان علاقة قوية ومتلازمة، لا يكمل إيمان المرء إلا بصلاح أخلاقه وحسن علاقته مع الآخر، وقول المعروف وبذل الخير، ومما يوضح هذا الأمر ورود الأحاديث النبوية الجامعة بين الإيمان والسلوك؛ حيث قرن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة بينهما.
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، قَالُوا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْجَارُ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ:وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ: شَرُّهُ.”) (
لقد ورد في الحديث النبوي الشريف نفي الإيمان صراحة عن الذي ألحق الأذى والشرّ بجاره، فائتمان الجار على جاره من مستلزمات الإيمان بالله، فلا يكمل إيمان المؤمن إلا بصلاحه مع جاره، وهكذا أرسى الإسلام دعائم الأخوة السلم بين أفراد المجتمع انطلاقا من علاقة الجار بجاره إلى تأسيس مجتمع متكامل تسوده الأخلاق الفاضلة، ويستمسك أفراده بمبادئ السّلوك القويم.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَاليَوْم الآخِرِ فًليَقُلْ خَيْراً أَوْ ليَصْمُتْ”) (.
يستفاد من الحديث النبوي، التحذير من آفات اللسان، والدعوة إلى التحلي بالكلمة الطيبة وقول الخير، الذي يعتبر أمارة على نبل الأخلاق وصدق الإيمان بالله تعالى.
إن للإيمان أثرا إيجابيا في سلوك الإنسان خاصة، وحياته بصفة عامة ينعكس عليه إيجابا بالصلاح والاستقامة ومحبة الخير لكل الناس، واجتناب الموبقات والغوائل، التي ليست من شيم المؤمن الصادق بربه، كما أن الكلمة الطيبة والصّدق في الأقوال والأفعال، وتحسين العلاقات بين الأفراد في المجتمع، واجتناب التباغض والتحاسد والشنآن، كل ذلك يسهم في تأسيس مجتمع متآلف ومتسامح؛ حيث جعل الله كظم الغيظ والعفو عن الناس أثراً من آثار الإيمان الطيبة على سلوك الإيمان.
قال الله تعالى في وصف المؤمنين:”وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” آل عمران:134.
2- أثر الوحي في سلوك المؤمن:
إن الوحي هو إعلام الله لأنبيائه يما يريد أن يبلغه اليهم من شرع أو كتاب بواسطة ملك أو بغير واسطة، فالوحي بمفهومه الشّرعي المنزّل على الأنبياء تضمَّنَ مقاصد وحكماً عديدة، يهدف إلى إرشاد البشرية إلى ما فيها خيرها وسعادتها؛ فهو تشريع من الله إلى خلقه، عبر الأنبياء والمرسلين الذين كُلّفوا بهذه المهمة، مهمة تبليغه للناس؛لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
فما أثر الوحي وانعكاسته الإيجابية على المؤمن؟ وأين تتجلى أهدافه ومقاصده؟
إن الوحي بشقّيه -القرآن والسنة- المنزّل على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو خاتم الأنبياء والرسل، أسْعَدَ البشرية وأنقذها من براثن الشرك والوثنية وعبادة الأصنام، وهدى الناس إلى طريق مستقيم.
إن للوحي أثرا إيجابيا في سلوك المؤمن، يتجلى ذلك من خلال ما يلي:
• الهداية إلى طريق الحق.
• إخراجه من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة.
قال تعالى: “قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” سورة المائدة، الآيتين:15-16
• العصمة من الضلال والانحراف.
ففي الحديث المرفوع، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً: (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض).) (
• تجنب الوقوع في الزيغ والفتنة .
• تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.