ما سأل عنه اليهود النبي صلى الله عليه وسلم جاء ذكره في صحيح البخاري ومسند أحمد وغيرهما.
ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَقَالَ:
إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ.
قَالَ: “أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا”.
قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ.
قَالَ: :أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ”.
قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ؟
قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: “أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ”؟
قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ، قَالَ: هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.اهـ
وفي مسند أحمد عن شهر قال ابن عباس: حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خِلالٍ نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي.
قال: “سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب عليه السلام على بنيه، لئن حدثتكم شيئًا فعرفتموه لتتابعني على الإسلام”.
قالوا: فذلك لك.
قال: “فسلوني عما شئتم”.
قالوا: أخبرنا عن أربع خِلالٍ نسألك عنهن:
أخبرنا أي الطعام حَرَّمَ إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟
وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل كيف يكون الذكر منه؟
وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة؟
قال: “فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم لتتابعني”.
قال: فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق.
قال: “فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى صلى الله عليه وسلم هل تعلمون أن إسرائيل -يعقوب عليه السلام- مرض مرضًا شديدًا وطال سقمه، فنذر لله نذرًا لئن شفاه الله تعالى من سُقْمِهِ ليحرمنَّ أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها”.
قالوا: اللهم نعم.
قال: “اللهم اشهد عليهم”.
“فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرا بإذن الله، وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله”.
قالوا: اللهم نعم.
قال: “اللهم اشهد عليهم”.
“فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟”.
قالوا: اللهم نعم.
قال: “اللهم اشهد”.
قالوا: وأنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك.
قال: “فإن وليي جبريل -عليه السلام- ولم يبعث الله نبيًا قط إلا وهو وليه”.
قالوا: فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك.
قال: “فما يمنعكم أن تصدقوه”.
قالوا: إنه عدونا.
قال: “فعند ذلك قال الله عز وجل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ}.. إلى قوله عز وجل: {كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة:97-101]، فعند ذلك {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة:90]الآية.