من إدريس البصري واللثام المغربي إلى مريم بوجتو والصهيونية في السنغال مرورا بالقدس والهيكل ذ. طارق الحمودي

 

لم أستطع منع نفسي من صياغة عنوان مركب ثقيل لمقالي هذا، فإن كانت خراش لم تدر ما تصيد، فمهما كثر عليَّ الصيد قيدته كله “من أجل ثورة ثقافية في المغرب” على حد تعبير حسن أوريد.

فبعد أن كانت جهات مسؤولة في بلادنا قد منعت من بيع النقاب في المغرب وما آل الأمر في ذلك من انتشار أكبر له بين النساء والفتيات، فإن كل ممنوع مرغوب، بله ما كان مطلوبا شرعا ولو على جهة الفضل والاستحباب، وما صاحب القصة من قصص أخرى موازية في العالم الغربي، تشعر بسبب هذه الموازاة أن ثم جهة واحدة تصنع كل هذه الأحداث، تتخفى كما تتخفى التماسيح والعفاريت بل أشد، لأنها من يحكمها ويصنعها، إذ البصمات واحدة.

وقد أثار انتباهي حملة مسعورة جديدة على قطعة قماش تلبسه فتاة فرنسية اختارها الطلبة الفرنسيون في جامعة باريس الخامسة رئيسة لنقابتهم، وكانت ردود أفعال السياسيين سريعة وشديدة، ترأسها مكشوفا غير متخف وزير الداخلية الفرنسي على قناة فرنسية أتاحت له فرصة نفث ما في صدره الساخن خشية الاحتراق غيظا، لم تكن هذه الفتاة التي جعلت وزير الداخلية يشد شعره إلا مريم بوجيتو، ثم دخول الصحيفة السخيفة شارلي إيبدو لترسم الأمر على غير حقيقته كما العادة.

ومن محاسن الصدف أن يكون اسمها مريم على اسم أم المسيح العذراء عليها السلام، حيث يزعم بعض الناس أن زوجة المسيح مريم المجلدية وصلت هاربة ووضعت ولدا للمسيح انتشر نسله في فرنسا بعد ذلك كما تحكيه رواية شهيرة، وقد كان سبب هذا القلق الفرنسي هو: مع كل ما تفعله فرنسا للتضييق على الإسلام والمسلمين وتشويه صورته بين الناس والشباب خاصة، كيف استطاعت هذه الفتاة المسلمة أن تحوز ثقة الشباب الفرنسي في مؤسسة علمية بهذا الحجم في عاصمة فرنسا العلمانية؟ وهو ما دفع الوزير إلى أن يبدي تخوفه مما قد يوحيه ذلك كله من ضعف الدولة أمام زحف الإسلام في المجتمع الفرنسي.. بل في المؤسسات العلمية الفرنسية وهو أشد .

لست أدري كيف يحصل هذا، لكنني سأقف على مقطع مرئي منشور على اليوتيوب لوزير الداخلية المغربي السابق إدريس البصري الذي مات في فرنسا تحديدا لا في غيرها مبعدا عن بلاده بطريقة ما، وفي المقطع يحادث البصري وزير المياه المغربي عزيز أخنوش بطريقة توحي بأنه يوجهه بتوجيهات سياسية كما يوجه الأستاذ تلميذه، ثم يتوجه البصري بالشكر لبعض الفتيات ثم يأمر الحاضرين بأن يطلبوا من امرأة أخرى أن تخلع اللثام المغربي الذي كانت تضعه، فتذكرت حينها قصة منع بيع النقاب في المغرب، وخطر لي أن يكون كلام البصري مفسرا للمنع، بل لعل كلامه يوحي بأن المقصود بالمنع هو دلالات النقاب الذي يصفونه بالمشرقي لا نفسه، فكيف يفسر كلام البصري ولم يكن حينها في المغربي نقاب مشرقي؟

لقد كان البصري صريحا: لتخلع اللثام !أي المغربي، قلت في نفسي: قصة مريم قصة فرنسية، والبصري توفي في فرنسا، وهي بلد الصهوينية بامتياز، صهيونية حاولت نشرها في كل الدول الناطقة باللغة الفرنسية التي احتلتها عسكريا في السابق وتحتل كثيرا منها سياسيا واقتصاديا اليوم، فما الذي يفسر خرجة المرشح الرئاسي السنغالي بنفي كون مكة موضع الحج، وكلامه المتصهين الذي مدح فيه الصهيونية؟ ما علاقته بتوسع النفوذ السياسي والاقتصادي الصهيوني الإسرائيلي في دول الساحل الأفريقي؟ وما علاقة ذلك بتوقيت إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ومسارعة غواتيمالا إلى مجاراتها؟ لعل بعض مداخل الأجوبة مضمن في مقالات كنت نشرتها عن ذلك!

فبين إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وإهداء اليهود رسما للقدس تضمن صورة الهيكل عوض المسجد الأقصى علاقة تلازم واضحة !

وبين قصة منع الخمار في المؤسسات العامة الفرنسية، وبين وزير الداخلية الفرنسي والإعلام الممسوخ مع مريم، وقصة البصري مع اللثام المغربي ومنع بيع النقاب في المغرب ومنعه في فرنسا تحديدا علاقة تلازم ما !

هكذا تكاثر علي الصيد، فخالفت خراشا ..فصدتها جميعا ..والصيد ثقيل.. ولم ينته الكلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *