الفاتيكان.. دولة دينية مساحتها أقل من نصف كلم وسكانها لا يتعدون ألف نسمة

مدينة الفاتيكان المعروفة رسميا باسم دولة مدينة الفاتيكان هي أصغر دولة من حيث المساحة في العالم، وتأخذ شكل شبه إهليلجي في قلب مدينة روما عاصمة إيطاليا التي تحيط بها من جميع الاتجاهات ويفصلها عنها أسوار خاصة؛ تبلغ مساحة الفاتيكان 0.44 كلم مربع، ويقارب عدد سكانها 940 نسمة فقط، وتعتبر بالتالي أصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان أيضا.

ورغم كونها أصغر دول العالم سكانًا ومساحةً فهي تستقي دورها وأهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة، كذلك من كونها تحفظ في متاحفها وأرشيفها مجموعة من أرقى المنتوجات الفنية للجنس البشري على مرّ العصور.

لا تأخذ الفاتيكان بأي لغة على أنها لغتها الرسمية، لكن لغة “الكرسي الرسولي” الرسمية هي اللاتينية، وتستعمل الإيطالية في الفاتيكان بشكل واسع بحكم الأمر الواقع، كذلك حال اللغة الألمانية؛ وإلى جانب هذه اللغات يعترف “الكرسي الرسولي” بثمان وثلاثين لغة أبرزها: الإسبانية، الفرنسية، البولندية، البرتغالية، والإنجليزية، وتغطي هذه اللغات نسبة كبيرة من اللغات المنتشرة بين كاثوليك العالم.

ورغم الوجود التاريخي للفاتيكان، فإن هذا الوجود لم يصبح بالشكل المستقل المتعارف عليه اليوم، قبل 7 يونيو سنة 1929 حين تمّ توقيع ثلاث معاهدات في قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية التي كانت آنذاك فاشية بقيادة “بينيتو موسيليني” وممثل بابا الفاتيكان “بيوس الحادي عشر”، الكاردينال “بيترو كاسباري”، وعرفت هذه الاتفاقيات باسم اتفاقية لاتران؛ نظمت الاتفاقيات الثلاث العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، جزء مستقل عن الدولة الإيطالية ومدار من قبل البابا.

ونصت الاتفاقية أيضا على إدارة الفاتيكان بشكل مباشر لكافة الكنائس والأديرة في مدينة روما، استنادا على الاعتقاد الكاثوليكي بكون البابا هو أسقف روما المنتخب، وثلاثة وعشرين موقعا آخر خارج أسوار الفاتيكان وتزيد مساحة هذه المواقع في روما ومحيطها عن مساحة الفاتيكان نفسها.

وضمنت الاتفاقيات أيضا مبلغا سنويا من المال يدفع إلى الفاتيكان تعويضا عن الخسائر التي مني بها “الكرسي الرسولي” إثر قضاء مملكة إيطاليا على الولايات البابوية، التي كانت تمتد من الساحل جنوب روما إلى حدود البندقية شمالا قاسمة بذلك إيطاليا إلى ثلاث أقسام.

كانت الفترة التي تلت القضاء على الدولة البابوية وحتى توقيع الاتفاقيات فترة من الفوضى القانونية أطلق على البابوات خلالها اسم “سجناء روما”، لعدم وجود أي تنظيم لحال السيادة الإيطالية وسيادة “الكرسي الرسولي”، ونظرا لأهميتها فقد أدرجت هذه الاتفاقيات في الدستور الإيطالي عام 1947.

تعتبر الفاتيكان دولة يديرها الإكليروس، ويرأس هؤلاء البابا أسقف روما المنتخب من قبل مجمع الكرادلة متمتعًا بصلاحيات غير محدودة مدى الحياة؛ بيد أن البابا فعليًا لا يمارس أيًا من صلاحياته على الأمور الإدارية والسياسية والقانونية تاركا تدبير هذه الشؤون لرئيس وزراء دولة الفاتيكان، ومؤسسات الدولة المختلفة. يشغل منصب رئيس الوزراء عادة كاردينال كنسي، معين من قبل بابا الفاتيكان.

أدرجت الفاتيكان، على لائحة اليونيسكو كإحدى مواقع التراث العالمي. وهي الدولة الوحيدة المدرجة بكاملها على اللائحة المذكورة، أيضًا فإن الفاتيكان ممثل لدى عديد من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وعدد من وكالاتها، ومنظمة الأغذية العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، إلى جانب منظمات أخرى غير رسمية كالجمعية العالمية للعلوم التاريخية، والجمعية العالمية للطب المحايد وغيرها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *