الأمثال الشعبية المغربية وشيطنة المرأة  ذ. عبد اللطيف لبقادري

 

 

إذا كانت القوانين والدساتير تنظم حياة المجتمع وتحفظ حقوقه وواجباته فالأمثال الشعبية هي بمثابة الضابط المجتمعي المتبلور من عادات وتقاليد مجتمع ما. تلعب الأمثال دورا محوريا في تأطير وعي الناس وتضع لهم الضوابط والشروط التي تجعل من الفرد مقبولا أو مرفوضا من الجماعة وهذا ما يسمى في علم الاجتماع بديناميكية الجماعات. وعليه وكأي ثقافة جذورها ضاربة في التاريخ، تعرف الثقافة المغربية تعدد وتنوع لا حصر له من الأمثال أو”القوافي” الشعبية التي تحكي الكثير عن نمط عيش وتفكير المجتمع المغربي ونخص بالذكر هنا الأمثال التي تركز على المرأة أي النصف الثاني من المجتمع.

  • المرأة والمشاكل

يقول المثل المغربي “لِمَعَندُوهَم،ْ توَلْدُولِيهْ مَرْتُو” أي فيما معناه أن المرأة سبب الكثير من المشاكل التي على الرجل أن يواجهها، وهناك من ذهب أبعد من ذلك حيث يتهم المرأة أنها سبب شقاء البشرية بنزول آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض نتيجة عصيان أوامر ربه والقصة المشهورة حول الشجرة، علما أن القرآن الكريم واضح وصريح: “فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه” الآية 36 من سورة البقرة، إن استعمال ضمير المثنى في الآية يدحض كل المزاعم الواهية بأن حواء هي المتهم رقم واحد في المعصية بل هما معا.

  • المرأة والجنس

مِن بين الأمثال الأكثر جدلا هو القائل ” المَرَة بِلا أولاد كِالخيمة بِلا أوتاد” بمعنى أن المرأة العاقر منبوذة وغير مرغوب فيها من المجتمع. نلفت نظر القارئ إلى التشبيهات والرموز المستعملة كَـ “الخيمة” إذ ترمز إلى البيت الأول والقديم عند العرب والأمازيغ بالمغرب ولازال بعض الرحل يسكنون الخيام، وأما التشبيه الثاني “الأوتاد” هم الدعامات التي تجعل الخيمة تصمد أمام العواصف الرملية أوالمطرية وكذلك الأولاد هم بمثابة الدرع الواقي من نتائج المشاكل الأسرية والتي قد تعصف بالمرأة خارج مؤسسة الزواج.

وجدير بالذكر في هذا المقام أنه جاء في تعاليم التلمود اليهودية التي عرفت تواجدها بالمغرب قبل الإسلام أن المؤمن اليهودي الحق هو الذي يبتعد عن المرأة العاقر، وعليه نخلص أن الإنجاب هو الدور الأساس للمرأة، وبعد ذلك تأتي الوظائف الأخرى، ولكن مع غياب الدور الأول أي الخصوبة تهمش المرأة وتترك لقدرها البائس.

  • المرأة والثقة

يُرمز للمرأة بالمحتالة التي لا تستحق أن يثق فيها الرجل لأنها ماكرة. فقد جاء في ديوان عبد الرحمان المجذوب،  الصوفي والشاعر الزجلي:

سوق النسا سوق مطيار    ٭٭٭   يا الداخل رد بالك

يوريولك من الربح قنطار ٭٭٭   ويديولك راس مالك

أبيات زجلية يظهر فيها الشاعر أن النساء لا يستحقون الثقة بل هم أهل لأخذ الحيطة والحذر منهم. جاء أيضا في الأقوال الشعبية ” كيد النسا” والتي ترمز إلى نفس فكرة أشعار المجذوب المذكور سالفا، إلا أن هذه المقولة يرجع مصدرها إلى القرآن الكريم ولا مناص أن نذكر القارئ أن هذه المقولة تنم على جهل وسوء فهم وتبخس لما جاء في أعظم كتاب عرفته البسيطة.

جاء في سورة يوسف الآية 29: “إن كيدكن عظيم” وهي كلمة لم يقلها الله عز وجل بل قالها عزيز مصر لزوجته زليخة عندما علم بخطتها مع نساء عِلية القوم ليوقعوا يوسف عليه السلام في الخطيئة. إذن، نفهم أن مستعملي “كيد النسا” لا يفرق بين ما جاء كسرد لقصة في القرآن وبين أحكام الدين التي سنها الله تعالى.

تُصبِغ الثقافة المغربية على الكثير من الأمثال صِبغَة دينية سماوية لتجعلها أقرب إلى التصديق والقبول من طرف العامة إلا أنها بعيدة كل البعد عن شرع الله وحاشاه تعالى أن يفرق بين خلقه بهذه الطريقة فالنساء شقائق الرجال، هم طبعا مختلفون عن بعضهم البعض، لكنه اختلاف تكامل لا اختلاف تفاضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *