“خارجات عن القانون” يطالبن بـ”التقدم والتنمية” عبر تحرير “الحريات الجنسية”!! نبيل غزال

تماما كما وقع في ملف النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، حين سُرّبت لها صور دون حجاب بالعاصمة الفرنسية باريس، يتكرر اليوم الأمر نفسه في ملف الصحفية هاجر الريسوني، حيث يحاول بعض المنتمين للتيار العلماني جاهدين استغلال الحدث، لتوسيع ثقب “الحريات الفردية” عبر المطالبة برفع التجريم عن “العلاقات الجنسية الرضائية”!

فإذا كانت الصحافة الموالية لهذا التيار والتي تخدم أجندته لا تكف عن نشر مجموعة من المواد الداعمة لهذا الطرح، فإنه على المستوى السياسي والحقوقي، هناك عمل كبير من أجل الدفع في هذا الاتجاه.

فقد ناقشت قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار، في لقائها الأخير يوم السبت 21 شتنبر 2019 بالجامعة الصيفية لشبيبتها بمدينة أكادير، قضية اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، وأخذَ أعضاء المكتب السياسي على عاتقهم التقدم بموقف واضح إزاء الحريات الفردية، ومن الإجهاض أساسا.

ومعلوم موقف الحزب من هذا المطلب، فقد سبق لوزير العدل، محمد أوجار، أن صرح في حوار مثير أجراه مع وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” بأن “العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين بدون عنف لا تعني المجتمع، ولكن يجب احترام الآخرين عند ممارستها”، ودعا إلى الانتصار “للحرية دائما واحترام الحياة الخاصة والشخصية؛ لأن ممارسة هذه الحريات لا يجب أن يتجاوز الفضاء العام”.

فيدرالية اليسار الديمقراطي بدورها أعلنت أنها ستدافع عن مقترحات حذف عدد من “المواد التي تضرب في العمق الحريات الفردية بالمغرب”، وتمنع الإجهاض.

قال النائب البرلماني عن فدرالية اليسار، عمر بلافريج إنه اقترح “إلغاء أو حذف عدد من المواد التي تضرب الحريات الفردية” من بينها الفصول 489 و490 و491، التي تتعلق بتجريم المثلية الجنسية والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والخيانة الزوجية.

رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أحمد رضى الشامي، ‏في تصريح قال: كان من الممكن تفادي الكثير من التجارب المأساوية والمحرجة في موضوع الحرية الفردية لو أنه تم التفاعل إيجابا مع التقارير وآراء المجلس سنة 2012 التي أوصت بتعزيز المساواة بين الجنسين.. لتحسين الإطار القانوني الطبي لإنهاء الحمل، وفي سنة 2016 دعا المجلس في تقريره عن الأبعاد الاجتماعية للمساواة بين المرأة والرجل إلى إلغاء أحكام المادتين 490 و491 ‏من قانون العقوبات، والذي بتجريمه للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، سواء بالتراضي أو دون تراضي، يعرقل حق المرأة في تقديم شكوى بشأن الاغتصاب.

وتحت عنوان “خارجات وخارجون عن القانون“، وقع عشرات من الرجال والنساء على عريضة للمطالبة بتغيير الفصل 490 من القانون الجنائي، وحسب ما أوردته صحيفة “لوموند” الفرنسية على صفحتها الأولى، فالموقعون يطالبون بالحق في الزنا واللواط والسحاق، و”احترام الحياة الخاصة للأفراد والحق في التصرف في أجسادهم”، ووجهوا مطالبهم للحكومة والأحزاب والمؤسسة التشريعية والدستورية والمجتمع المدني بالمغرب.

واعترفت الموقعات على العريضة أنهن “خارجات عن القانون”، وكتبن “نحن ننتهك قوانين ظالمة وبالية عفا عنها الزمن، لقد أقمنا علاقات جنسية خارج إطار الزواج، لقد مورس علينا أو مارسنا أو كنا شاهدات على إجهاض”.

وتساءلن في الإطار ذاته “كيف يمكن كسب رهان إدماج المرأة وتشجيع الشباب ووضع المغرب على سكة التقدم والتنمية البشرية إذا لم تحترم الحريات الفردية؟”.

وكما جرت العادة فقد تضمنت العريضة التي أطلقتها كل من المخرجة صونيا التراب والكاتبة ليلى السليماني، التي سبق وعينها الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” سنة 2017 ممثلته الشخصية للفرنكفونية، نفس الشعارات التي رفعت من قبل من مثل “لم أعد أحتمل. جسدي ملكي وليس ملك أبي ولا زوجي ولا المحيطين بي ولا لأعين رجال في الشارع، ولا للدولة”.

وقد اعتاد المتتبعون سماع هذه الأصوات عند إثارة مواضيع ما تحت الحزام، و”الحق في التصرف في الجسد” أي عند المطالبة بحرية الزنا واللواط والسحاق، حتى أن بعضهم اشتهر عنه المتاجرة بهذه المطالب، التي يستجدي بواسطتها الجهات الداعمة لمزيد من البذل والعطاء.

وفي هذا الصدد تساءل عدد من المتتبعين عن سبب غياب هذه الأصوات الغيورة جدا على “كرامة المواطن المغربي” والمرأة بالذات، حين تثار مواضيع العدالة الاجتماعية، لماذا لا يتحدثون عن معاناة المرأة في العالم القروي؟ لماذا لا يرفعون العرائض دفاعا عن المرأة التي يرمى بها بسبب الفقر في سوق النخاسة والرقيق الأبيض؟ لماذا يديرون ظهورهم لمعاناة ملايين النساء في العالم بسبب فلسفتهم في طريقة تصريف الشهوة الجنسية التي حرفوها عن مقصدها، فحولوها من وسيلة للحفاظ على النوع البشري إلى هلاكه وشقائه.

تجدر الإشارة إلى أن موقف الدين من هذه المطالب يبقى مغيبا بل مرفوضا من طرف هذا التيار، فرغم أن الأمر محسوم من الناحية الشرعية، وأن الدين الرسمي وفق ما هو منصوص عليه في الدستور يُدرِج هذه المطالب ضمن كبائر الذنوب، والقانون يجرمها، وأرقام ونسب ضحايا الحريات الجنسية على المستوى الصحي والاجتماعي والأمني.. في ارتفاع مستمر، إلا أن المقدسين لـ”الأعضاء التناسلية” مصرون عن التنكر لكل ذلك، ولا يستمعون إلا لداعي الهوى وصوت الغريزة، ولا يؤمنون ولا يدافعون إلا عن مواثيق الغربية لحقوق الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *