المدرسة المغربية في القراءات القرآنية (2) عمر خويا

 

نشأة مدارس القراءات:

ظهرت مدارس الإقراء في الأمصار معتمدة على المصحف الذي أرسل إلى الأمصار إماما، وكلّ نسخة تنقل رواية معيّنة يؤكّدها بعض قرّاء الصّحابة والتّابعين الذين استقروا في كلّ مصر. وقد تباينت هذه الرّوايات تباينا محدودا وفقا لتباين صور الرّسم في المصاحف المعتمدة، واعتبارا للتّوسيع الوارد في حديث الأحرف السّبعة التي نزل بها القرآن الكريم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف”[i]. لذلك كان هذا الحديث رحمة وتوسعة على الأمّة، يقرؤون من القرآن ما تيسّر في حدود احترام صحّة التلقّي وضوابط الرّسم المجمع عليه وقواعد لغة التّنزيل.

وهذه لمحة موجزة عن مدارس القراءات بالأمصار:

  • مدرسة الحجاز:

والمراد بالحجاز: حواضره الكبرى مكّة والمدينة. وكان على رأس مدرسة المدينة الصّحابيان أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت الأنصاريين. وتتلمذ عليهما عبد الله بن عبّاس(ت68ﻫ) وأبو هريرة(ت57ﻫ)  وعبد الله بن عياش المخزومي(ت64ﻫ)  رضي الله عنهم. وعلى هذا الأخير تخرّج شيوخ الإقراء بالمدينة أمثال: أبو جعفر يزيد بن القعقاع(ت132ﻫ)  وشيبة بن نصاح(ت130ﻫ)، وكان لهما الأثر الكبير في بروز نجم الإمام نافع بن عبد الرحمن (ت169ﻫ) قارئ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتفرّعت عن مدرسة المدينة مدرسة مكة؛ وعُرف من قرائها الأوائل تلميذ أبيّ بن كعب: عبد الله بن السائب المخزومي(توفي حوالي73ﻫ) شيخ عبد الله بن كثير(ت120ﻫ) قارئ مكّة، ومجاهد بن جبر(ت104ﻫ). وعن مجاهد أخذ عمر بن عبد الرحمن بن محيصن (ت123ﻫ) وحميد بن قيس الأعرج(ت130ﻫ).

  • مدرسة الشّام:

وتأسّست على يد الصحابيّ الجليل أبي الدّرداء الأنصاريّ قاضي دمشق زمن الخليفة عثمان رضي الله عنهما. وتتلمذ على يده الإمام عبد الله بن عامر اليحصبي(ت118ﻫ).

  • مدرسة البصرة:

وفي البصرة نشأ إمام القراءة أبو عمرو بن العلاء(ت154ﻫ)، ولم يكتف بشيوخها أمثال: يحيى بن يعمر(ت89ﻫ) ونصر بن عاصم(ت89ﻫ)، بل ارتحل إلى الحجاز ليتثبّت من روايته التي احتلّت مكانتها بين القراءات السبع. وبرز من قراء البصرة الحسن بن أبي الحسن(ت110ﻫ)  وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي(ت117ﻫ).

  • مدرسة الكوفة:

أخذ قراء الكوفة الأوائل عن الإمام علي بن أبي طالب(ت40ﻫ) وعبد الله بن مسعود، ومنهم عبد الله بن حبيب السلمي(ت70ﻫ)، وزرّ بن حبيش الأسدي(ت81ﻫ)، والأسود بن يزيد(ت74ﻫ)، وعلقمة بن قيس(ت62ﻫ) النّخعيان. ومن نتائج تميّز الكوفة بالرّواية ظهور ثلاثة من أئمة القراءة فيها وهم: عاصم بن أبي النجود (ت127ﻫ)،وحمزة بن حبيب الزيات(ت156ﻫ)، وعلي بن حمزة الكسائي(ت189ﻫ).

 

[i]– صحيح البخاري، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، ط 1، 1422ﻫ، كتاب فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف، رقم الحديث:4991، ج6، ص184.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *