المآلات السلبية لتطبيع الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني محمد زاوي

 

بعد أن أعلنت الأمارات العربية المتحدة تطبيعها مع “الكيان الصهيوني” الغاصب، وبعدها البحرين، ما الذي تلا هذا التطبيع؟ هل انتظر “الكيان” مدة معتبَرة من الزمن ليعلن عن نواياه السيئة وقصده الاستعماري والتوسعي في الوطن العربي وفلسطين؟ هل بقي حلفاء هذا “الكيان” وداعموه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، مكتوفي الأيدي أمام تطبيعٍ صنعوه بأيديهم؟

فلنتأمل تعاقب الأحداث:

– تصريح بنيامين نتنياهو بأن “تعليق الاستيطان” سيكون مؤقتا، وليس بشكل دائم كما أكّدت إدارة الإمارات العربية المتحدة. وهذا دليل على أن ما يهم نتنياهو ليس هو مصلحة الفلسطينيين، ولا مخرجات اتفاقه مع الإماراتيين، بل إن كل ما يهمه هو مصلحته كمتهم بالفساد في الداخل “الإسرائيلي”، ومصلحة الصهاينة المحتلين على أرض الفلسطينيين.

– التهديد بهدم منازل الفلسطينيين وسلب أراضيهم، مباشرة بعد إعلان التطبيع ومعه تعليق الاستيطان مؤقتا. فالداخل الصهيوني ليس واحدا، والإمارات ليست بتلك القوة لتفرض موقفها على أرض فلسطين، وخصوصا بعد أنْ أذلها الصهاينة وهانت أمام الشعب الفلسطيني.

– رفع الحظر الأمريكي عن التوسع الاستيطاني ل”الكيان الصهيوني” في فلسطين، وهذا عكس ما كانت تأخذ الحكومات الأمريكية السابقة، إذ كان الاستيطان بالنسبة إليها مخالفا للقانون الدولي. فإدارة “ترامب” تريد أن تدفع بالتطبيع إلى أقصى حدّ ممكن، حتى تنال ثقة أطراف في الداخل الأمريكي، أبرزهم اليمينيون الإنجيليون، وحتى تنال دعم الإعلام الصهيوني السائد في العالم.

– توالي ردود الفعل الإيجابية من قبل داعمي الكيان، سرّا وعلنا، ومنهم: بريطانيا (على لسان رئيس وزرائها)، فرنسا (على لسان وزير خارجيتها)، الأمم المتحدة (على لسان أمينها العام)، الحزب الديمقراطي (على لسان مرشحه جو بايدن)… إلخ.

– معارضة “الكيان الصهيوني” بيع أمريكا مقاتلات “إف-35” وأسلحة أخرى للإمارات، بحجة أن ذلك ليس من بنود الاتفاق بين “المتصالحين”، ورغبة في حفاظ “الكيان” على تفوقه العسكري في المنطقة. فمن أهداف التطبيع: إضعاف كل الأطراف العربية، بما فيها الإمارات، مهما طبعت وخالفت موقف الإجماع العربي: الرفض الرسمي للتطبيع.

– الاعتداء على الفلسطينيين والتنكيل بهم على أرضهم، وعلى رأس هذه الاعتداءات ما لقيه المناضل الستيني خيري حنون بسبب حمله علم فلسطين إلى أن اعتقِل وكبّل. ومن شأن هذه الاعتداءات أن تتزايد، بعد أن أصبح الاستيطان الصهيوني أمرا مشروعا، وفوق القانون الدولي.

– قصف قطاع غزة ومرصد لحركة حماس، بواسطة طائرات ومدفعية جيش “الكيان الصهيوني”، مباشرة بعد اتفاق التطبيع بين هذا الأخير والإمارات. فقد جاء التطبيع أساسا لمحاصرة المقاومة والقضاء عليه، وأجدى الحصار: ما كان عسكريا وسياسيا، والسياسي مؤثر في العسكري لا محالة.

– الحكم بالسجن على شيخ الأقصى “رائد صلاح”، لمدة 28 شهرا، في إطار سياسة المواجهة والمحاصرة التي ينهجها “الكيان الصهيوني” تجاه رموز المقاومة الفلسطينية. فالتطبيع قائم، ولا تساهل مع المقاومة. وذلك في إشارة رمزية إلى أن التطبيع لا يعني رفع اليد عن المقاومة، وإنما قمعها ومحاصرتها أكثر من ذي قبل.

– تطبيع علاقات التعاون الاقتصادي بين “الكيان الصهيوني” وأقطار التطبيع، وأولاها كانت الإمارات، في مجالات النفط والتكنولوجيات والأبحاث العلمية. وحيث تعتقد الإمارات أن تعاونا من هذا النوع سيخدمها لا محالة، فإن كثيرا من الخبراء يؤكد عدم قدرتها على التحكم الاختراق الصهيوني. وذلك، بسبب: النزعة الاستهلاكية للشعب الإماراتي (ما يسهل “صناعة رغبته”)، ثغرات في القانون الإماراتي (حيث شروط الاستثمار والحصول على الإقامة جدّ ميسرة)، حسب تحليل علي بن مسعود المعشني.

– إضعاف الموقف الرسمي العربي تجاه القضية الفلسطينية، ومن التطبيع، وهو ما تجلى بوضوح في الموقف الأخير الصادر عن جامعة الدول العربية. فالدول المطبعة، وتلك التي تؤيدها في السر أو العلن، هي التي تشكل أغلب الدول في الجامعة. وهذه الأخيرة لا تمثل إلا انعكاسا لمواقف هذه الدول، رغم مخالفة رئاسة الجامعة لهذه المواقف (بشهادة أحمد أبو الغيط).

******

… إلخ.

ماذا بعد تطبيع العلاقات بين الإمارات “والكيان” إذن؟

استمرار الاستيطان، طرد الفلسطينيين من أراضيهم، الوقوف في وجه تسلح الحليف (دولة الإمارات)، قمع الفلسطينيين، التنكيل بالعَلم الفلسطيني، قصف غزة، اعتقال رموز المقاومة ومحاصرتهم، رفع الحظر الأمريكي عن الاستيطان، الاختراق الاقتصادي الصهيوني للدول المطبعة، فتح المجال لاعتراف دولي جديد باحتلال غاصب لحقوق الفلسطينيين والوطن العربي… إلخ. هذه هي حصيلة “التطبيع مع الكيان الصهيوني”، في ظرف أيام معدودات من إعلانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *