كثيرة هي المشاهد الجديدة التي تمر أمام ناظر المواطنين المسلمين في تونس والذين حرموا منها لعقود طويلة إبان حكم بن علي المخلوع وأستاذه الراحل بورقيبه.
فالمسلمون في تونس قد حرموا من مشاهد يراها غيرهم في كثير من البلدان العربية والإسلامية شيئا ثابتا وأساسيا، وبالتالي يزداد شعورهم بوجودها وتدمع أعينهم لرؤيتها كما لو كانت تحدث لأول مرة في العالم.
المجلس النيابي التونسي يوقف إحدى الجلسات لأداء الصلاة
فلقد أثار شجن التونسيين وشجن كثير من المسلمين مشهد إيقاف رئيسة المجلس التونسي بالنيابة لجلسة من جلسات المجلس لأداء صلاة المغرب؛ وهو المشهد الذي لم يكن ليظهر بعد عشرات السنين لولا أن من الله عليهم بتلك الثورة التي أطاحت بهذا النظام العلماني الشديد العداوة لكل ما هو إسلامي.
وتجلت روعة المشهد في كونه جاء من مؤسسة تعمل على إقرار دستور جديد للبلاد، وأعطى انطباعا رائعا بأن من يقطع الجلسة لأداء الصلاة سيحاول ألا يفرض على البلاد مخالفة الدين الإسلامي كما كان يفعل السابقون.
ففي عهد ابن علي المخلوع وبحسب عدة تقارير أمنية سرية صادرة عن وزارة الداخلية وإدارة الأمن الوطني التونسي كانت تدور حول أداء المواطنين للصلاة والتردد على المساجد، ومن بينها وثيقة سرية تخبر عن اعتقال وضبط سيدة محجبة تونسية بتهمة وصفتها بـ”تأدية الواجبات الدينية بانتظام” وبعد القبض عليها تم تحرير محضر تحقيق بالواقعة.
ولهذا فعلى مدة هذا الحكم البائد على مدى 23 عاما كان التونسيون يؤدون صلاتهم في منازلهم في خوف؛ وقل ذهابهم للمساجد لأداء صلاة الجماعة خشية الاعتقال؛ ولم يكن أحدهم أن يلتزم مظهرا من مظاهر إحياء السنة كإعفاء اللحى للرجال.
هدم منازل ممارسة البغاء في تونس
دائما ما كان يستشعر الكثير من المواطنين المسلمين في تونس بالعار تجاه وجود منازل معروفة ومنتشرة لممارسة البغاء والفجور في كل مدن تونس تقريبا، ودائما ما تمنوا لو منعوا هذه المخالفة العلنية لدين الله، وتحققت هذه الأمنية بفضل الله سبحانه هذه الأيام.
فبعد جندوبة وباجة والقيروان أتت سوسة لتُغلق فيها المواخير بيوت الدعارة ليقوم بها شباب مسلم بالتنسيق مع الجيش الذي ساهم هو الآخر في إزالة هذه الرموز للتفسخ الأخلاقي والانحلال الديني.
وخرج من حناجر هؤلاء الشباب وهم يهدمون تلك المواخير هذا الهتاف الذي اختزنوه في أعماقهم ولم تستطع سجون ومعتقلات ابن علي أن تخرسه فيهم “بالروح والدم نفديك يا إسلام”.
وقد رفعت لافتات تنادي أحد جنرالات الجيش قائلة: “كما قضيت على الدكتاتورية نناشدك القضاء على المحلات الجنسية”.
وبالأمس القريب صلاة العيد في الخلاء
بالطبع أصبح مشهد صلاة العيد في الخلاء كسنة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مألوفا لدى العديد من الدول الإسلامية، بل صار هو الأصل في كثير من البلدان، ولكن أضحى هذا الأمر جديدا على تونس، إذ تمت صلاة العيد في الخلاء لأول مرة بعد الثورة في مدينة صفاقس التونسية بعد أن استأذن إمام جامع (اللخمي) وعدد من المواطنين رئيس النيابة الخصوصية لبلدية صفاقس وتمت الصلاة في ملعب لكرة القدم 2 مارس.
إن هذه الإجراءات وتلك الأخبار حتى وإن كانت غير مؤثرة بدرجة كبيرة على المسيرة التونسية في نظر البعض؛ إلا أنها تعني الكثير جدا بالنسبة للشباب التونسي الذي أصبح يتنسم نسيما إيمانيا -قد يكون لا يزال قليلا- لكنهم يحدوهم الأمل في عودة الكثيرين إلى واحة الإيمان ويطمئنهم بأن الناشئة التونسية قد ييسر لها الله أن تنشأ في جو غير مسموم مثل الذي ذاقه آباؤهم وأجدادهم في عهود الظلم والطغيان.