ورد القرآن في رمضان

 

كان السلف الصالح يضاعفون حزبهم من القرآن في رمضان؛ والمشهور عنهم؛ أنهم يختمونه في كل سبعة أيام، فإذا كان رمضان ختموه في ثلاث.

وروي عن كثيرين ختمه في أقل من ذلك، وظاهره خلاف السنة، لا سيما ما روي عن بعضهم أنه يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار! وروي أكثر من ذلك!!

قال الحافظ الذهبي في ترجمة الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي:

“قال يحيى بن أكثم: صحبت وكيعا في الحضر والسفر، وكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة.

قلت: هذه عبادة يخضع لها، ولكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة، فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر، وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، والدين يسر، ومتابعة السنة أولى، فرضي الله عن وكيع، وأين مثل وكيع؟”اهـ[1]

قلت: قالت عائشة رضي الله عنها: “لا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة”[2]

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ختم قراءة القرآن في أقل من سبعة أيام:

عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك” [متفق عليه واللفظ لمسلم].

ثم رخص له في ثلاث كما في الصحيحين أيضا.

وفي رواية مفصلة لحديث عبد الله:

اقرأ القرآن في كل شهر اقرأه في خمس وعشرين اقرأه في عشرين اقرأه في خمس عشرة اقرأه في سبع ولا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث” [انظر تخريجها في السلسلة الصحيحة 1513]

وفي رواية ثابتة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأه في أربعين ثم في شهر ..إلـخ.”[3]

قلت: ولعل ما روي عن بعض السلف والأئمة من الختم في أقل من ثلاث، محمول على أنه لم يبلغهم النهي، أو أنهم تأولوه؛ فجعلوا ختمات للتدبر وتفقه القرآن، وأخرى لكثرة الحسنات، والله أعلم.

وقال العلامة ابن رجب: “وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك؛ فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان وهو قول أحمد وإسحاق و غيرهما من الأئمة و عليه يدل عمل غيرهم”[4]اهـ

 

 

[1]  سير أعلام النبلاء (9/142).

[2]  مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي (ص. 252).

[3]   انظر: مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي (ص. 253).

[4]  لطائف المعارف (1/183).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *