من تاريخ القدس وفلسطين: أرض الرسالات والصراعات محمد زاوي

1-عهد اليبوسيين

“اليبوسيون بناة القدس الأولون، وكانت على عهدهم تدعى: (يبوس). إنهم بطن من بطون العرب الأوائل. نشأوا في صميم الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية. فاستوطنوا هذه الديار. وأغلب الظن أن ذلك حدث حوالي عام 3000 ق. م”. (عارف باشا العارف، تاريخ القدس، دار المعارف بمصر، 1951، ص 11)

و”يعتقد المؤرخون أن معظم سكان القرى في قطاع القدس يرجعون إلى أصل كنعاني، وأن لغتهم الأصلية كانت كنعانية. وانضمت إليها –عند الفتح البابلي-اللغة البابلية. وظلت هذه اللغة هي الرسمية حتى الفتح الفارسي.

وكانوا يعبدون الأصنام، وصنمهم الأكبر: (بعل) ومعناه الرب”. (ص 12)

2-عهد الفراعنة

“ولما تفرقت كلمة اليبوسيين، استغل العبرانيون الفرصة. فراحوا يغزونهم وكادوا يقتحمون مدينتهم. ولم يكن فيها سوى حامية صغيرة. عندئذ استمد حاكمها (عبد حيبا) العون من فرعون مصر تحوتمس الأول (1550 ق. م) ليحميه من العبرانيين. ذلك لأن هؤلاء كانوا كلما احتلوا مدينة أعملوا السيف والنار فيها وفي سكانها. وأما المصريون فكانوا يكتفون بالجزية، فلا يتعرضون لسكان البلاد ومعتقداتهم ولا يصيبونهم بسوء. وركض الفراعنة لنصرتهم”. (ص 12)

وإن “التاريخ حدثنا أن يبوسا خضعت لفراعنة مصر خضوعا تاما في عهد تحوتمس الثالث (1479 ق. م)، وأن هذا أقام عليها حاكما من أبناء مصر (…) ولم يحاول المصريون تمصيرها بل اكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها”، و”اتخذوها مخفرا أماميا لقربها من البادية. فكان لهم فيها قشلاق كبير، وجند كثيرون، وموظفون وجباة. وكان قصدهم من احتلالها حماية طرق التجارة”. (ص 13)

3-حكم اليهود

“وكثيرا ما تمرد الكنعانيون، وثاروا على المصريين، وأبوا أن يدفعوا لهم الجزية. ويظهر أن العبرانيين استغلوا الموقف بعد ذلك؛ فجاءوا يحاربونهم، وتمكنوا من احتلال يبوس في عهد داود (1049 ق. م)”. (ص 14)

و”خرج بنو إسرائيل من مصر في عهد فرعونها رعمسيس الثاني (1250 ق. م). فاجتازوا بقيادة زعيمهم موسى صحراء سيناء. وقد تاهوا فيها أربعين عاما. حاولوا في بادئ الأمر دخول هذه البلاد التي أسموها (أرض الميعاد) من ناحيتها الجنوبية؛ فوجدوا فيها قوما جبارين. ولما بدلوا طريقهم، ووصلوا إلى جبال موآب، شرقي الأردن، توفي موسى. فتولى قيادتهم يشوع بن نون. فعبر هذا بهم الأردن (1189 ق. م) واحتل أريحا. فدكها دكا. وقتل من وجده فيها، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة، شيخ أو طفل”. (ص 14)

“وكذلك فعل في (عاي) و(الجلجال) و(شيلوح) والمدن الكنعانية الأخرى التي احتلها في طريقه إلى يبوس. ولكنه لم يتمكن من احتلال يبوس نفسها. إذ كانت هذه محصنة تحصينا تاما. وقاومه اليبوسيون”. (ص 14-15)

“وحاول بنو إسرائيل، بعد موت يشوع، احتلال يبوس. وزحفوا إليها بقيادة (يهوذا) الذي تزعمهم بعد ذلك؛ فاحتلوها، وأشعلوا النار فيها. وقتلوا عشرة آلاف رجل من سكانها. إلا أنهم عادوا، فأخلوها تحت ضغط اليبوسيين. وظل هؤلاء يهزأون بحملات العبرانيين عدة قرون”. (ص 15)

“ولما (أصبح) داود ملكا على بني إسرائيل (1049 ق. م) وكان يومئذ يقيم في (حبرون) زحف نحو يبوس بجيش قوامه ثلاثون ألف مقاتل (…) وقاومه اليبوسيون في بادئ الأمر مقاومة عنيفة، وصدوه عنها. إلا أنه لما أعاد الكرة، وتمكن من احتلال (تل أوفل) الكائن في جنوبها، والمطل على قرية (سلوان)، أصبحت (عين روجل) بيده. وكانت هذه هي النبع الوحيد الذي يستقي اليبوسيون منه الماء. عندئذ سقطت يبوس بطبيعة الحال (1049 ق. م)”. (ص 15)

“ولما احتل داود يبوس، وكانت كما قدمنا، أحبها؛ فاتخذها عاصمة ملكه. ولكنه ترك اسمه الكنعاني (أورو-سالم) وأسماها (مدينة داوود). وقد أحصى سكانها فثار عليه قومه (ثورة بقيادة ابنين له من غير سليمان) (…) ومن الأسباب التي دعت قومه للثورة أنه أحصاهم. فاعتبروه مسببا للطاعون الذي أصابهم. فقالوا له: الله الذي خلقنا يعرفنا، فلماذا أحصيتنا؟”. (ص 16)

4-بناء داود وسليمان عليهما السلام

“ويظهر أن داود ندم على عمله. إذ راح الشعب ينفض من حوله بعد عملية الإحصاء هذه. ولكي يرضي شعبه، أبدى رغبته في بناء هيكل ليكفر عن ذنبه. فابتاع من إرنان اليبوسي أرضه الواقعة على تل موريا وكانت قبل ذلك بيدرا. ابتاعها بخمسين شاقلا من الفضة، وشرع في بناء الهيكل. ولكنه مات (1015 ق. م) قبل أن تتحقق أمنيته”. (ص 16)

“ولما مات داود (أصبح) ابنه سليمان ملكا (…) ولقد اتسعت القدس في عهده وازدهرت. فبنى فيها الدور والقصور. وأتم عمل أبيه، فبنى الهيكل (1007 ق. م). واتسع ملكه من الفرات تخوم مصر. وعقد معاهدات مع جيرانه. ورأى أن يكون على وفاق مع فرعن مصر ليأمن شره. فصاهره وتزوج ابنته. ومن آثاره، البناء الكائن تحت المسجد الأقصى، وبرك سليمان الواقعة إلى الجنوب من بيت لحم”. (ص 16)

وبعد موت سليمان (975 ق. م)، انقسم الحكم بين ابنيه بعد تنازعهما عليها. فاستولى ابنه رحبعام على (يهوذا) وعاصمتها (أورشليم)، فيما استوى ابنه على (إسرائيل) وعاصمتها (شكيم). (ص 17)

“وظلت أورشليم بعد ذلك أربعة قرون، يحكمها اليهود. فلم تسلم أبدا، خلال تلك القرون، من ثورة أو مؤامرة أو شغب أو قتال”. (ص 17)

5-عهد الآشوريين

“غزا الآشوريون أورشليم بقيادة ملكهم شلمنصر (730 ق. م). فسبى هذا سكانها، وظل يحاربهم حتى سنة (721 ق. م). غير أنه لم يتمكن من تثبيت أقدامه فيها زمنا طويلا، فارتد عنها. وظلت هي والقسم الجنوبي راضخة لسلطان الفراعنة. ولم تدخل أورشليم في حكم الآشوريين إلا على عهد سنحريب”. (ص 20)

ثم في عهد سنحريب، جاء الآشوريون بجيش لاحتلال القدس، فحاصروها. “فألم بهم الطاعون بعد حين، حتى كاد يقضي عليهم. فرجعوا إلى بلادهم. ثم عادوا بعد حين، فاحتلوها (…) وبعد قليل، دبّ الفساد في صفوف الآشوريين، فضعفوا وتخلوا عن هذه البلاد للبابليين”. (ص 20-21)

6-عهد البابليين

في 587 ق. م، حاصر البابليون القدس (أورشليم). وفي 586 ق. م، “انقرضت مملكة يهوذا، وراحت كلمة بابل هي العليا في أورشليم. وكان البابليون يسمونها: أورو –سالم. وأصبحت هذه البلاد كلها، من أدناها إلى أقصاها مستعمرة بابلية، تدفع الضرائب لبابل، وتتكاتب معها”. (ص 22)

7-عهد الفارسيين

“بعد أن تغلب كورش ملك الفرس على البابليين (539 ق. م)، سار في فتوحاته قدما حتى احتل سوريا. ثم جاء إلى أورو –سالم، فاحتلها (538 ق. م)” (ص 23). فأذن (لليهود) المنفيين في بابل بالعودة إلى القدس (أورشليم) (بطلب من زوجة له كانت يهودية)، “فعاد إليها فريق منهم (538 ق. م)”.

وفي عهد الفرس، أتم اليهود بناء الهيكل وبنوا السور، وعيِّن رجل منهم (اسمه نحاميا، كان له ولاء للفرس) حاكما على أورشليم. (ص 23)

و”ظلت أورو –سالم تابعة لملوك الفرس؛ تدفع لهم الضرائب والعوائد، وتسهل لهم سبل العبور إلى مصر حتى احتلها الإسكندر (332 ق. م)”. (ص 24)

8-عهد اليونان

“احتل الفاتح المقدوني الكبير إسكندر يورشاليم (القدس) عام 332 ق. م، وكان رجال الفرس من حاميتها قد انسحبوا منها. فدخلها دون أن يسفك دما من أجلها. واستقبله سكانها بالرضا والارتياح. ذلك لأنهم كانوا قد سئموا الفوضى من جراء اختلافاتهم الداخلية”. (ص 25)

وتأثرت بلاد “فلسطين” بالاحتلال اليوناني بشكل كبير، فيما تعلق من ذلك التأثر بالعرق واللغة والصناعة والثقافة والنقود والتجارة… الخ. (ص 28)

9-عهد الرومان

في 63 ق. م، احتل الرومان القدس (أورشليم) بعد حصار دام ثلاثة شهور. و”كانت العلائق متوترة بين الرومان واليهود”، ما دفع اليهود إلى عديدِ الانقلابات والتمردات والشغب ونشر الفوضى ووضع الكمائن والدسائس، على النقيض من سياسات الرومان المذلة لهم، غير الملبية لما يطلبون. (من ص 29 إلى ص 37)

10-عهد البيزنطيين

“عندما تولى قسطنطين عرش الأباطرة (313 م) تنفست النصرانية الصعداء وكانت قبل ذلك مضطهدة. ولم يقف هذا الحد عند السماح لها بالانتشار في مملكته، بل تنصر هو بنفسه”. وأخذ يفرض النصرانية في مختلف المناطق، بما فيه أرض فلسطين.”وفرض (قسطنطين) على اليهود أن يتنصروا. فتنصر فريق منهم؛ ومن لم يتنصر قتل، أو غادر البلاد”. (ص 38)

11-عهد الدولة الإسلامية

“بعد أن غلب المسلمون الروم في اليرموك وفتحوا الشام، ولوا وجوههم شطر فلسطين. فتولى أبو عبيدة بن الجراح حصار إيلياء (القدس)، وراح عمرو بن العاص يفتتح المدن الفلسطينية الأخرى. وكان أبو بكر الصديق قد انتقل إلى دار البقاء وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب”. (ص 44)

ثم “بعد أن تعاطى الفريقان (الروم في إيلياء والمسلمون الفاتحون) العهود والأيمان (…) دخل عمر ابن الخطاب إيلياء (636 م)… ودخل من ورائه المسلمون. دخلوها مكبرين مهللين. وقيل إن عدد من دخل منهم يومئذ أربعة آلاف. وقد كانوا متقلدين سيوفهم، وراية العرب ترفرف فوق رؤوسهم”. (ص 48)

“وبعد أن رتب عمر الأمور، ووضع كل شيء في نصابه، اعتزم الرجوع إلى المدينة. وقبل أن يغادر بيت المقدس، جمع جنده، فأثنى على عملهم، وشكر الله إذ صدق وعده ونصر جنده وأورثهم البلاد”. (ص 50)

وفي عهد الأمويين، “ضمت القدس إلى الشام (641 م)، وخضعت لحكم معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية” (ص 50). وتعاقب بعده الأمويون، على خدمة القدس وبنائها والاهتمام بها بتفاوت، من ابنه اليزيد إلى محمد بن مروان آخر خلفاء الدولة الأموية. (من ص 50 إلى ص 53)

وخضعت فلسطين لحكم العباسيين في 750 م (ص 54)، وخدموها والمسجدَ الأقصى كما فعل الأميون. وفي عهدهم، وصفها عالم معروف (برنارد الحكيم) زارها بقوله: “إن المسلمين والمسيحيين فيها على تفاهم تام. وإن الأمن العام مستتب للغاية حتى إن المسافر ليلا يفرض أن تكون بيده وثيقة تثبت هويته”. (ص 57)

وتعاقب على حكم فلسطين بعد العباسيين، أو باستقلال عن دولتهم، بنو طولون، وبنو الإخشيد، والفاطميون والأتراك السلجوقيون والأرتقيين. وكانت لهم جميعا فيها شؤون وأعمال ما زالت تشهد عليهم. (من ص 58 إلى ص 67)

واحتل الصليبيون القدس عام 1099 م، ثم استرجعها صلاح الدين الأيوبي عام 1187 م، بعد انتصاره على الصليبيين في حطين. وبعد تهنئة جيشه وحمد الله على نصره، شرع صلاح الدين الأيوبي في ترتيب الشؤون والأعمال في القدس، ومن ذلك إعادة إعماره لمسجدي الأقصى والصخرة إعمارا يليق بهما، كما كانت له بها آثار كثيرة. وبعده، تولى حفدته أمر القدس وفلسطين، ثم المماليك بعدهم، وكانت لهم جميعا بها أعمال وشؤون ذات أهمية كبيرة. (من ص 76 إلى ص 100)

وخضعت القدس لحكم الأتراك العثمانيين بعد تغلبهم على المماليك في 1517 م، وحتى عام 1831 م، حيث خضعت لإبراهيم باشا بعد انشقاقه عن حكم العثمانيين. فحكمها عشر سنين، ثم استعادها العثمانيون في 1841 م من جديد. وكانت للعثمانيين ولإبراهيم باشا فيها شؤون وأعمال أيضا. (من ص 103 إلى ص 129)

12-زمنَ الاستعمار البريطاني

“احتل الجيش البريطاني القدس في 1917 م، دخلها عنوة. فانتقلت القدس بهذا الحدث التاريخي من يد الأتراك إلى يد الإنجليز بعد أن مكثت في حوزة الأولين أربعة قرون صحاح”. (ص 133)

وفرض الاحتلال البريطاني على سكان فلسطين شروطه السياسية والمالية والثقافية، طيلة وجوده فيها (فلسطين). والأخطر من ذلك، أن التوسع الصهيوني في أرض فلسطين كان نتيجة للأعمال الاستعمارية الأخيرة لهذا الاحتلال (البريطاني). ف”لأن السلطة المنتدبة، وبعبارة أفصح، الحكومة الفلسطينية، وهي حكومة إنجليزية بحت، كانت ضالعة إلى أبعد حدود التحيز مع اليهود، ومؤيدة لهم في مشروعاتهم وأعمالهم الرامية إلى تهويد فلسطين. وقد كان لها ولهم ما أرادوا” (ص 161)

الجزء الثاني: معطيات من تاريخ الهجرة اليهودية والنكبة والنكسة واحتلال الضفة الغربية

13-زمن الصراع العربي/ الإسلامي –الصهيوني

– “الهجرة الصهيونية”

أول من دعا إلى “هجرة يهودية” هو نابوليون بونابرت، وذلك بغرض تجييش اليهود وشق الصف الإسلامي بهم. وقد كانت دعوة نابوليون هذه مقتصرة على يهود الشرق دون غيرهم، تحثهم على إعلانها ثورة على التشرد والشتات والطغيان الإسلامي، وتدفعهم دفعا إلى تأسيس دولتهم المشروعة تحت الحماية الفرنسية. ومما ورد في هذا النداء: “الإسرائيليون هم الأمة الفريدة التي لم تستطع آلاف السنين وشهوة الفتح والطغيان أن تجردهم سوى من أرضهم، ولكن ليس من اسمهم وكيانهم القومي (…) ألا ثوروا، يا أيها المشردون، وأعلنوها حربا لم يحدث مثلها في تاريخ البشرية، حرب تقوم بها أمة اعتُبِرت أرضها –بجرة قلم من الحكام-غنيمة لأعدائها الذين يريدون، بفظاظة، تقاسمها فيما بينهم وكما يشاؤون. إن فرنسا تنتقم لعارها وعار أبعد الأمم التي تركت منسية وقتا طويلا تحت أغلال العبودية، وتنتقم للعار الذي أحاق بكم خلال ألفي سنة”. (من نداء نابوليون بونابرت ليهود الشرق)

هذا سياق، ول”الهجرة الصهيونية”، قبل 1948 م، سياق آخر يتجلى في: رغبة الدول الرأسمالية الغربية (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا… إلخ) في التخلص من أقليات يهودية أصبحت عبئا عليها، شل القدرات العربية الإسلامية بكيان دخيل عليها، تسهيل سبل استغلال خامات الوطن العربي (النفط والغاز الطبيعي) والتحكم في أسعارها… إلخ. هذه هي أهم الأسباب التي جعلت دولا بعينها تشجع هجرة اليهود إلى فلسطين، ومن هذه الدول: بريطانيا (وعد بلفور، 1917)، ألمانيا (اتفاقية هارفا، 1933)… إلخ. أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أيدت كل عمليات التهجير هذه، ودعمتها باتخاذ قرار الامتناع عن استقبال جماهير اليهود على أراضيها.(راجع: “اليهود أنثروبولوجيا”، جمال حمدان)

النكبة (1948)

وكانت “النكبة” حقًّا وواقعا، بإعلان دولة “إسرائيل” دولة لليهود، يحق لهم الهجرة إليها من كل مكان. فكان كل ذلك بمثابة استباحة لأرض الفلسطينيين ودمائهم، لتنتشر: الفوضى في كل مدن وقرى فلسطين، الإبادات الجماعية في حق الفلسطينيين، تهجير وطرد الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم وقراهم ومدنهم وتحويلهم إلى لاجئين في الدول المجاورة، الاعتداء على الرموز والخصوصيات الفلسطينية، تدمير المنشآت التاريخية… إلى غير ذلك من الجرائم التي جاءت “النكبة” محملة بها، أمام أنظار العالم بأسره.

لقد كانت هذه “النكبة” نتاجا للاستعمار البريطاني والأطماع الإمبريالية في المنطقة، ولذلك تسترت الدول الغربية الإمبريالية على الجرائم التي ارتُكِبت فيها. ولم تكن الدول والمنظمات العربية لتبقى مكتوفة الأيدي إزاءها، بل إنها أرسلت قواتها من الأردن والعراق ومصر وسوريا… إلخ، إلى فلسطين، دعما للشعب الفلسطيني في معركته أمام احتلال أبشع من سابقه. وبالرغم من كل المحاولات، سقطت فلسطين في أيدي “الصهاينة”، فتأكدت “النكبة”. (راجع: “فلسطين: التاريخ المصور”، طارق السويدان)

النكسة (1967)

لم يكن أحد يتوقع انهزام “القوات العربية المسلحة” في حرب 1967، وذلك لأن مصر وحدها كانت تملك قوة عسكرية تضاهي القوة العسكرية للكيان الصهيوني، إن لم تكن تتجاوزها. فما بالك إذا انضافت إليها قوى: عراقية وأردنية ولبنانية وسورية، وقوى عربية أخرى. إلا أن النتائج نحت منحى آخر، فتحولت الحماسة والاندفاع إلى “نكسة”. فبالرغم من أن الجيوش العربية كانت على قوة معتبرة من العدد والعتاد، إلا أنها كانت أضعف من حيث التقنية والتخطيط وعقلنة الحرب.

لقد كان من شأن الانتصار في حرب “67” أن يغير موازين القوى في المنطقة، بمحاصرة “الكيان الصهيوني” جيوستراتيجيا (بإغلاق مضايق تيران البحرية)، ومن ثم هزم هذا “الكيان” في الداخل الفلسطيني. إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك، فانهزمت الجيوش العربية في هذه الحرب، ما أدى إلى:

– خسائر في الجيوش، على مستوى العتاد العسكري وأعداد الجنود.

– احتلال سيناء ومرتفعات الجولان.

– احتلال مناطق جديد من فلسطين، أهمها: غزة، والضفة الغربية.

– تدنيس المسجد الأقصى بالشعارات المستهزئة بالعرب والمسلمين.

– استمرار عمليات الاستيطان وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، وبشكل أفظع من ذي قبل.

– وأكثر من ذلك، اهتزاز الثقة العربية في القدرة على المواجهة والمقاومة وطرد “الكيان الصهيوني” الغاصب… إلخ. (راجع: “التجربة التاريخية الفيتنامية: تقييم نقدي مقارن مع التجربة التاريخية العربية”، ياسين الحافظ/ طارق السويدان، نفسه)

-احتلال أغلب أراضي الضفة الغربية من جديد (2002)

وقد تمّ هذا الاحتلال، ردّا على انتفاضة الأقصى (سنتحدث عنها أسفله)، وذلك بعدما كان الشعب الفلسطيني قد استعاد الضفة الغربية وغزة بموجب اتفاق “أوسلو” (سنتحدث عنه أسفله). ويسمى هذا الاحتلال “اجتياح نابلس”، حيث سقطت نابلس في يد “الكيان الصهيوني” مجدّدا، بالرغم من مقاومة الفلسطينيين بقيادة كافة فصائل المقاومة الفلسطينية. (الجزء الأول: ملخص كتاب “تاريخ القدس” لعارف باشا العارف).

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *