الأنثوية4: الأنثوية العمياء د.البشير عصام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه.

إن الدفاعَ عن حقوق المرأة والسعي في إنصافها ورفع الظلم عنها: مطلبٌ مشروع. وإن المرأة اليوم تعاني من ألوان من الظلم، تضاف إلى الظلم الموروث عن قرون الجمود.

لقد كانت المرأة تعاني من بعض التقاليد البالية التي أُخذ بعضها من فهم سيء للنصوص الدينية، أَنتج فقهيات تراثية متجاوَزة لا تنطلق من معين الوحي بقدر انطلاقها من عقلية تسلطية ذكورية (كما يقال اليوم..).

لكنها صارت في عصرنا تعاني من ظلم لا مثيل له عبر التاريخ. ظلمٌ عنيف قاس متوحش، ولكنّ يدَه التي تبطش بالمرأة، مغلفةٌ بقفازات مخملية، تجعل الكثير من النساء راضيات بالظلم ما دام بطعم التحرر المزعوم!

تحت شعارات تحرير المرأة، صارت المرأة اليوم تعاني من:

  • التحرش الجنسي المفروض في أماكن العمل ووسائل النقل؛
  • التزايد الخطير لمعدلات الاغتصاب بسبب السعار الجنسي، الذي جاءت به الحرية الجنسية المزعومة؛
  • المتاجرة بصورة جسد المرأة في الفن الدرامي، وإجبار الكثيرات على التعرّي لأن الجمهور يريد ذلك؛
  • تسويق كل شيء في الحملات الإشهارية بالجسد العاري للمرأة، التي صارت في الحضارة العصرية مختزلة في مفاتنها الجسدية؛
  • التسويغ العملي المكثف للدعارة التي تجعل من المرأة – المضطرةِ لذلك في أحيان كثيرة لأسباب مادية خالصة – جسما منفصلا عن الروح، ينحصر دوره في إرضاء نزوات الذكور؛
  • تشجيع “الفن” الإباحي، الذي ينقل المرأة خصوصا من مقام الإنسان إلى درك البهيمية، بل إلى ما هو أسوأ بكثير؛
  • تحمل تبعات الحرية الجنسية وحدَها -في الغالب-، خاصة الإجهاض، الذي صار حقا من حقوق المرأة، مع أنه في حقيقته تجربة صادمة لها نفسيا وجسديا؛
  • إخراج المرأة للعمل مطلقا دون مراعاة الفروق البيولوجية التي تميزها عن الرجل، والتي تقتضي أن يكون عملها خارج البيت في ظروف خاصة؛
  • جمع المرأة بين عملها داخل البيت وخارجه (في ما يسمى: “اليوم المزدوج”)، مع ما يقتضي ذلك من معاناة مضاعفة؛
  • تحمّل المرأة وحدها – في الغالب – مسؤولية الأسرة، عند الطلاق (الذي تفرح الأنثوية بأنه من حقوق المرأة التي نجحت في الحصول عليها)، أو لتهرّب الأب من مسؤولياته (فعليا أو رمزيا) ..

وجميع ذلك – وزد عليه كثيرا مما لم أذكره – ظلمٌ شنيع، يتجاوز في حقيقته الظلم القديم بمراحل كثيرة، لولا أن هذا الظلم العصري يضع على وجهه مساحيقَ تطريةٍ تستُر دمامته الكئيبة!

ولكن الأنثوية الحمقاء -في الغرب، وفي بلادنا أيضا- لا تزال منشغلة بالرد على “التسلط الباطرياركي القديم”، ولا تعطي أدنى اعتبار لهذا الظلم العصري، الذي تعاني النساء منه في صمت..

نعم إن المرأة تعاني.. ولسنا نرضى أن يكون الدفاع عنها بهذه الأنثوية الرعناء.

الأنثويةُ أصل الداء، فلا يمكن أن يلتمَس فيها الدواء..

وفي زمن تغوّل الإعلام التسطيحي، الذي يسوّي نتوءات الخلافات والتفصيلات، ويكتفي بالشعارات المعلّبة الجاهزة، فإننا لا نملك إلا أن نناضل بأقلامنا من أجل محاربة هذا التسطيح، ورفع منسوب وعي الناس، في أفق عودتهم المنشودة إلى الفطرة وما يوافقها من الشرائع الربانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *