الودغيري*: اللغة العربية هي لغة إفريقيا بامتياز وعلى المغرب أن يستثمر في إفريقيا روحيا وثقافيا

 

1ــ حدثونا دكتور عن تجربتكم في إفريقيا لما كنتم مسؤولا عن جامعة اللغة العربية بالنيجر؟

بسم الله الرحمن الرحيم، في الحقيقة يجب أولا أن نعلم أن هذه الجامعة هي جامعة دولية يقصد الطلاب من أكثر من 20 دولة من شرق ووسط وغرب وشمال افريقيا، وانشاؤها كان لفتة كريمة من الله تعالى لقادة الدول الاسلامية الذين قرروا في أحد مؤتمرات قمة منظمة المؤتمر الاسلامي إحداثها مع أخوات لها في افريقيا واسيا.

وجاء سياق إحداث هذه الجامعة في سياق من يسمى بالصحوة الاسلامية في الثمانينات فكانت هناك روح تحدو الجميع للعمل على إحياء التراث والروح الاسلامية، والتفكير في سبل تكوين اجيال من الشباب الحاملين للشهادات العليا ومتمكنين من العلم الديني ومعرفة الإسلام وأشياء أخرى مكملة، فأنشأت سنة 1986 وكانت غايتها أن تحتوي جزء هام من افريقيا خاضع للفرنكفونية، وما مر عليها من الاستعمار الغربي. واخترتني منظمة المؤتمر الاسلامي لرئاسة هذه الجامعة، وتجربتي فيها كانت غنية وفريدة بل وجدت فيها نفسي وهناك آمنت أن الانسان لما يوضع في المكان المناسب يعطي ويبذل، ووجدت نفسي في رباط من رباطات الجهاد، وثغر من الثغور التي يمكن للمسلم أن يبذر بذورا وينتج ويطبق ما يؤمن به. فلذلك الجامعة اذاك صغيرة طلبتها لا يتجاوزون مئتين أو ثلائمائة ولكن الآن ما شاء الله طلابها بالآلاف وخريجوها كذلك، ووصلت لدرجة منح الدكتوراه والماستر، والمتخرجون بها أصبح بدورهم رسلا فيفتحون مدارس ومؤسسات أخرى للغة العربية.

ولأول مرة تعمل هذه الجامعة على تدريس اللغة العربية والشريعة للبنات وتوسعت الآن وأصبحت ستة كليات. ولما ذهبت إلى هناك وجدت فققط كليات للذكور. وأسسنا مركز لجمع تراثنا الإسلامي بافريقيا ومعهد عالي لتكوين الأساتذة في اللغة العربية والعلوم الاسلامية، ومكتبة كبيرة جدا. وأهم شيء فكرت فيه تكوين روافد للجامعة أي أن تأسس مجموعة مدارس بالمجتمع، ويكون تكوين متين منذ الروض إلى مرحلة التكوين الجامعة.

 

2ــ كيف ترون واقع اللغة العربية بغرب إفريقيا مقارنة بتاريخ النهضة الاسلامية؟

اللغة العربية هي لغة افريقية بامتياز أي أنها ليست لغة غريبة وأجنبية على افريقيا، لأنه تصور الآن 15 قرن والاسلام في افريقيا، وأول هجرة للمسلمين إلى الخارج هي للحبشة أي افريقيا بعد خمسة سنوات للبعثة، الآن عدد الملسمين في افريقيا يقدر بمليار و300 مسلم وأكثر، ونصف هؤلاء السكان مسلمون والعربية بالنسبة للمسلم ضرورة من الضرورات وضمن تقديسه وهويته الإسلامية، وأن ثلث هؤلاء المسلمين يتكلمون العربية إما لغة أم أو لغة ثانية. وهي لغة وطنية في تشاد والسنغال والنيجر، ولها نصيب في الاعلام والمدرسة والصحافة.

هناك ثلاث لغات كبرى بإفريقيا وهي اللغة العربية والسواحلية والهوصاوية، وأكبر هذه اللغات هي العربية. أما وجود اللغة الفرنسية ضئيل في افريقيا. وهناك قبائل عربية مثل الشوا متواجدة لحد الآن في افريقيا ورئيس دولة النيجر الآن من قبيلة عربية اسمها “أولاد سليمان” وهو أول عربي يصبح رئيسا في افريقيا. إذن سكان إفريقيا لو افترضنا اختاروا لغة موحدة لهم أكيد سيختارون اللغة العربية، لأنه الفرنسية لا توحدهم ولا الانجليزية والبرتغالية.

هناك إقبال وصحوة للغة العربية في إفريقيا شعبيا ورسميا.

 

3ــ مظاهر تأثير اختيارات المغرب في التمذهب والتدين في إفريقيا من خلال تجربتكم؟

معروف تاريخيا أن الفتح الاسلامي لهذه المنطقة هو كان جاء من الشمال إلى الجنوب أي من المغرب بالخصوص، والإسلام دخل إلى هذه المنطقة منذ عقبة بن نافع، ثم تعزز بعد ذلك في عهد المرابطين وهي دولة مغربية وشيوج الفاتحين كانت بقيادة المجاهد الكبير عبد الله بن ياسين، ووصلت إلى أقصى المناطق في افريقيا. ومنذ ذلك الحين أصبح هناك ارتباط تاريخي بين المغرب الذي كان دولة كبيرة وافريقيا. سواء غانا أو مالي والسنيغال وتشاد، التي كانت تسمى بالبيرنو، وهؤلاء المغاربة كانوا من أتباع المذهب المالكي والمتون والمؤلفات والفقهاء كانوا مالكية. وأثر هؤلاء المغاربة الفاتحين خاصة في عهد المرابطون كان كبيرا هناك بالدول والإمارات الإفريقية. ومؤلفات فقهاء القرويين هي التي تعتمد هناك ، والتجار المغاربة والرحالة كان لهم دور في نشر الاسلام والثقافة الإسلامية في الدول الإفريقية، والعلماء المغاربة وصلت كتبهم وانتشرت هناك.

 

4ــ ما هي رسالتكم للجهات الرسمية المغربية للاستثمار في اللغة العربية وفي نشر الاسلام في افريقيا؟

أنا بحكم المدة التي قضيتها في النيجر واحتكاكي بالأفارقة شعبيا ورسميا، أقول أن هناك تقصير في استثمار هذا الرصيد على كثير من المستويات، واستثماره لا يتطلب نفقات مالية كبرى ولا مجهودات كبيرة، بل إعطاء منح بسيطة وإرسال معلمين وأساتذة واحداث مراكز ثقافية والاهتمام بالجانب الديني والروحي بالشكل الصحيح. ودائما كنت اتوجه للمسؤولين بأنه عليهم أن يستثمروا هذا الرصيد، وألاحظ أن هناك فتور، حتى الشخصيات الدبلوماسية التي ترسل الى افريقيا أغلبهم لا علاقة لهم بتاريخ افريقيا ولا يقرؤون تاريخ العلاقات الحضارية والتاريخية بين المغرب وتلك الدول. ولا يعرفون قيمة الأشياء التي زرعها أحدادنا وأسلافنا في هذه المناطق، وبذورها مزروعة هنا ولكن لا نعتني بها لكي نقطف ثمارها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* د.عبد العالي الودغيري: رئيس جامعة بالنيجر سابقا وأستاذ  جامعي باحث.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *