1ــ ما دلالات الاهتمام الدولي باللغة العربية احتفاء وتدريسا؟
السلام عليكم، اعتقد أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية يحمل في طياته عدة أبعاد، أبرزها، احتفائي باعتبار ما قدمته اللغة العربية للحضارة الانسانية وللتراث الإنساني، من علوم ومعارف. فاللغة العربية يحتفي بها العالم بأكمله وتابعنا الفعاليات التي أقيمت، سواء بمقر الأمم المتحدة بنيويورك أو مقر اليونيسكو بباريس، أو في أديس أبابا، أو تشاد، وكان هناك احتفاء منقطع النظير بهذه اللغة، إذن هو اعتراف كوني وعالمي بأهمية اللغة العربية، وأضيف له هذه السنة، اعتراف “الفيفا” باللغة العربية كلغة خامسة في إدارتها.
وفي مقابل الاحتفاء، هذه مناسبة لمساءلة الذات الوطنية والعربية والإسلامية، عما قدم لهذه اللغة، وأنتم تشاهدون أن العالم كله احتفى باللغة العربية إلا المغرب، باستثناء احتفال الفعاليات والتظاهرات العلمية والأهلية، التي نظمت من طرف مؤسسات المجتمع المدني، نجد غيابا رسميا متعمدا ومقصودا عن الاهتمام باللغة العربية بل هناك محاولات للاجهاز على كل معاقل اللغة العربية، من خلال فرض العامية في التواصل الحكومي، ومن خلال الفرنسة في التدريس، وهناك نخبة ترفض أي مكانة للغة العربية داخل المنظومة الهوياتية المغربية.
2ــ ما تقييمكم لواقع اللغة العربية بالمغرب؟
هو واقع من سيء إلى أسوأ، فيه كثير من الضبابية التي تلف المشهد اللغوي، والتي لا تتعلق فقط باللغة العربية بل بالواقع اللغوي، لأنه هناك عدم وضوح في المراد من الهندسة اللغوية، وأين موقع اللغات الرسمية في هذه الهندسة، وموقع اللغات الأجنبية فيه، ان صح التعبير فنحن أمام فوضى لغوية تستفيد منها بعض اللوبيات في التعليم والإشهار والثقافة وفي مختلف المجالات. ومن سمات هذا الواقع أنه فوضوي، حيث ما زلنا لم نجاوب على سؤال الهوية وسؤال الارادة والسياسة اللغوية التي نريد تحقيقها. فنحن أمام واقع ملتبس فرض علينا بمختلف أدوات الغزو الثقافي والاستلاب من أجل جعل الواقع اللغوي واقعا فوضويا.
3ــ هل التمكين للغة العربية مشكل سياسي أم ثقافي؟
بالطبع القضية ليست ثقافية، انما هي قضية سياسية، القضية اللغوية لم تكن في يوم من الأيام قضية ثقافة، الوعي الثقافي أو المجتمع بأكمله له منظومة قيمية، له مشترك جمعي حاول أن يحميه بمختلف الأدوات، واللغة العربية جزء من هذه المنظومة الاجتماعية والقيمية، لذلك فالذين حاولوا طمس هوية المجتمع، وتغيير بوصلته القيمية، هم أولئك الذين لهم علاقات مع المستعمر القديم-الجديد، والذين يرون في اللغة العربية مهددا لعروشهم الثقافية بحيث تعرفون أن الفرنكفونية لا تبني مجدها على الشرعية الثقافية بقدر ما تبنيه على شرعية الوجود السياسي، من خلال الكواليس، واستمالة النخب السياسية. لذلك فالقضية سياسية، ومادامت لا توجد هناك إرادة سياسية لفرض اللغة الرسمية، فهذا دليل على أننا مازلنا بعيدين عن الايمان والوعي بالعلاقة الجدلية بين اللغة والسيادة الوطنية. فالتجارب الدولية تثبت أنه لا يمكن لدولة أن تحقق تنميتها ومجدها دون أن يعي القائمون على الشأن العام أن اللغة مكون أساسي من مكونات السيادة الوطنية، ولذلك فالمغرب مادام لم يعي المسؤولون بهذه العلاقة، فسنجتر الأزمة والتخلف ومشاكل التعليم واللغة العربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستاذ جامعي ورئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية